لبنان وسوريا: صفحة جديدة أم مفاوضات شائكة؟

2025.10.23 - 10:14
Facebook Share
طباعة

 أعلن نائب رئيس الوزراء اللبناني، طارق متري، أن التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا سيكون قريباً، في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لتصحيح العلاقات بين البلدين بعد عقود من التوتر والاختلال في التوازن السياسي.

وقال متري في مقابلة مع تلفزيون لبنان الرسمي إن العلاقات بين البلدين خلال العقود الخمسة الماضية كانت “غير متكافئة”، مشيراً إلى أن معظم اللبنانيين يشعرون بأن سوريا كانت تفرض سيطرتها على لبنان سياسياً وأمنياً. وأضاف: “اليوم أمامنا فرصة لبناء علاقات جديدة قائمة على التكافؤ والاحترام المتبادل والندية، لا أن يفرض أحدهما وصايته على الآخر”.

وأشار المسؤول اللبناني إلى أن العلاقة الحالية يمكن وصفها بأنها “صفحة بيضاء”، مؤكداً أن التبادل الدبلوماسي بين البلدين سيتم قريباً، في ما يُنظر إليه على أنه تحرك استراتيجي لتثبيت استقرار الحدود والملفات المشتركة بين الجانبين.

السجناء السوريون في لبنان: أزمة مستمرة

وفي سياق آخر، تطرق متري إلى ملف السجناء السوريين في لبنان، معرباً عن أسفه لأن “كثيراً منهم لا يزالون بلا محاكمة”. وأوضح أن انتظار سنوات طويلة للبت في ملفاتهم أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن بعض اللبنانيين المحتجزين بتهم الإرهاب يواجهون ظروفاً مشابهة منذ أكثر من عقد.

وأكد متري أن بعض السوريين المعتقلين كانوا محتجزين لأسباب سياسية، بسبب معارضتهم للنظام السوري السابق أو انتمائهم إلى جماعات مثل جبهة النصرة أو الجيش السوري الحر، مضيفاً: “آن الأوان لإيجاد الحل المناسب لهؤلاء، خصوصاً بعد سقوط صفة الإرهاب عن المجموعات التي كانوا ينتمون إليها”.

ويطرح هذا الملف تساؤلات حول الضمانات القانونية وحق المحاكمة العادلة، وكذلك عن مدى قدرة السلطات اللبنانية على إدارة العلاقة مع اللاجئين السوريين والموقوفين في إطار من القوانين الدولية وحقوق الإنسان.

اللاجئون السوريون: بين التوطين والعودة

أما بالنسبة للاجئين السوريين، فقد أكد متري أن لبنان لا يسعى لتوطينهم على أراضيه، مشدداً على أهمية إعادة اللاجئين إلى سوريا تدريجياً، مع الإبقاء على أولئك الذين يحتاجهم سوق العمل اللبناني. هذا الموقف يعكس محاولة التوازن بين الضغوط الداخلية والخارجية، إذ تواجه الحكومة اللبنانية تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، بينما يبقى ملف اللاجئين أحد أبرز الملفات التي تؤثر على الاستقرار السياسي والاجتماعي.

تحليل المشهد

الخطوة اللبنانية الأخيرة تشير إلى رغبة في إعادة ضبط العلاقات مع سوريا على أسس جديدة، بعد تغيّر الوضع السياسي السوري وتحول السلطة إلى الحكومة الانتقالية الجديدة التي تفرض نفسها على الأرض بعد سقوط النظام السابق.

لكن التحديات تبقى كبيرة: فإعادة التبادل الدبلوماسي تحتاج إلى تنسيق دقيق حول ملفات معقدة تشمل اللاجئين، السجناء، الحدود، التجارة، والأمن، إضافة إلى ضرورة الضمانات القانونية لحقوق المعتقلين السوريين. كما أن أي خطأ في إدارة هذه الملفات قد يثير ردود فعل شعبية داخل لبنان، خصوصاً بين السوريين واللبنانيين الذين تأثروا اقتصادياً واجتماعياً بالأزمات السابقة.

ويمكن النظر إلى زيارة وزير العدل السوري مظهر الويس ووزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بيروت مؤخراً على أنها خطوة تمهيدية لتعزيز التواصل الفني والقانوني بين الحكومتين، تمهيداً للاتفاق على إجراءات تنفيذية للتبادل الدبلوماسي وحل ملفات الموقوفين، إلى جانب التنسيق حول عودة اللاجئين إلى سوريا.

وفي المحصلة، يُظهر إعلان لبنان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا إرادة سياسية لبناء شراكة متكافئة، لكنها مرتبطة بنجاح معالجة الملفات الحساسة، وإيجاد صيغة تضمن الاستقرار والأمن على الحدود، وتقديم حلول عادلة للموقوفين واللاجئين، بما يعزز فرص التعاون الإقليمي والأمن الجماعي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3