أعاد اللقاء بين رئيس الجمهورية جوزف عون ووفد النواب الموقعين على اقتراح قانون تصويت المغتربين الجدل حول مشاركة اللبنانيين المنتشرين في الخارج في الانتخابات النيابية، وهو ملف يختصر التناقض بين الإرادة السياسية المعلنة والصعوبات التقنية والتنفيذية التي تعيق تطبيق هذا الحق.
أكد الرئيس عون خلال اللقاء الجالية اللبنانية في نيويورك تمسكه بمبدأين أساسيين، إجراء الانتخابات في موعدها وعدم تأجيلها، وضرورة مشاركة المنتشرين في العملية الانتخابية، معتبراً أن هذا الحق يمثل امتداداً طبيعياً لدورهم الوطني، ومؤشراً على الشراكة السياسية بين المقيمين والمغتربين في تقرير مصير البلاد.
الرئيس أشار أيضاً إلى معوقات تواجه وزارة الداخلية في تنظيم اقتراع المنتشرين على امتداد القارات الست، تتعلق بالجوانب اللوجستية والتوزيع العادل للمقاعد، وهي معوقات سبق أن تناولها وزير الداخلية في مداخلاته أمام المجلس النيابي.
الوفد النيابي الذي ضم غسان حاصباني وأشرف ريفي وملحم رياشي وميشال معوض والياس حنكش وجورج عقيص وميشال الدويهي وضاح الصادق ومارك ضو، طرح أمام الرئيس عون وجهة نظر تعتبر أن القانون الحالي يحرم المنتشرين من حقهم بالمشاركة في الانتخابات على أساس دوائر نفوسهم داخل لبنان وأوضح النواب أنهم تقدموا منذ التاسع من أيار باقتراح قانون معجّل مكرّر لتصحيح هذا الخلل، حاز تأييد سبعة وستين نائباً، غير أنه لم يُدرج بعد على جدول أعمال الهيئة العامة، رغم مطالبتهم المتكررة لرئيس مجلس النواب بإدراجه للنقاش والتصويت.
النواب طلبوا من الرئيس عون التدخل لدفع الحكومة إلى إعداد مشروع قانون معجّل بمرسوم وإحالته إلى البرلمان، لتوضيح النقاط الغامضة في القانون الحالي، ولا سيما في ما يتعلق بتوزيع المقاعد الستة المخصصة للمغتربين وأكدوا أن هذه الخطوة تمثل تصحيحاً دستورياً وإجرائياً ضرورياً لضمان المساواة بين اللبنانيين المقيمين والمغتربين، خصوصاً أن شريحة واسعة من المنتشرين اضطرت لمغادرة البلاد بفعل الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
القضية تتجاوز بعدها الإجرائي لتلامس جوهر العلاقة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب. فالمنتشرون يشكّلون ركيزة اقتصادية وإنسانية للبلاد، وساهموا عبر عقود في دعم الاستقرار المالي والاجتماعي، ما يجعل مشاركتهم السياسية جزءاً من التوازن الوطني العام. ومع ذلك، تبقى آلية تمثيلهم رهينة الخلافات السياسية والتفسيرات المتعددة للقانون الانتخابي، ما يؤخر إقرار آلية واضحة لتصويتهم في أماكن إقامتهم.
تصويت المغتربين يشكل اليوم اختباراً لمدى استعداد الدولة اللبنانية لترجمة خطاب الإصلاح إلى خطوات عملية فالاعتراف بالحق لا يكفي دون بنية تنفيذية شفافة تضمن المساواة والعدالة الانتخابية، وإذا تمكنت الحكومة من إعداد مشروع قانون واضح يزيل الالتباس الحالي، فقد يشكل ذلك خطوة نحو استعادة ثقة المغتربين بالدولة ومؤسساتها، أما استمرار المماطلة فسيعزز الإحباط ويكرس شعوراً بالحرمان السياسي لدى شريحة واسعة من اللبنانيين في الخارج.