بين النيل والبحر الأحمر.. كيف تستثمر إسرائيل توترات سد النهضة لتعزيز نفوذها في إفريقيا؟

2025.10.21 - 04:40
Facebook Share
طباعة

أعدّ موقع "Bizportal" الإسرائيلي تقريرًا تحليليًا موسعًا، كتبه المحلل السياسي موشيه كسيف، تناول فيه أبعاد التعاون الإسرائيلي–الإثيوبي في ظل تصاعد التوتر بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة، معتبرًا أن إثيوبيا باتت "الشريك الإفريقي الأهم لإسرائيل"، ليس فقط في مجال الأمن والمياه، بل في التنافس الجيوسياسي الممتد من النيل إلى البحر الأحمر.

تحالف قديم يتجدد

أشار التقرير إلى أن العلاقات بين البلدين تعود إلى السنوات الأولى بعد قيام دولة إسرائيل، إذ احتفظ الإمبراطور هيلا سيلاسي بعلاقات وثيقة مع تل أبيب خلال منفاه في القدس، واستمر التعاون رغم قطع العلاقات الدبلوماسية عام 1973 عقب حرب أكتوبر، حيث حافظ الطرفان على صلات أمنية سرّية.
وفي عام 1989، استؤنفت العلاقات رسميًا، وتوسعت لاحقًا في مجالات الأمن والزراعة والمياه. كما لعبت إثيوبيا دورًا مهمًا في تهجير يهود الفلاشا إلى إسرائيل ضمن عمليات "موسى" و"سليمان" وغيرها، بدعم ضمني من السلطات الإثيوبية.

سد النهضة.. من مشروع قومي إلى ورقة جيوسياسية

يرى التقرير أن سد النهضة الذي دُشّن رسميًا في سبتمبر 2024، أصبح أحد أهم رموز "السيادة الوطنية" في إثيوبيا، إذ يرفع إنتاجها من الكهرباء إلى نحو 5100 ميغاواط، ويساعد في ربط نصف سكانها بالشبكة القومية للكهرباء.
في المقابل، تعتبر مصر السد تهديدًا وجوديًا لأمنها المائي، وتطالب باتفاق قانوني ملزم يحدد قواعد الملء والتشغيل، خاصة في سنوات الجفاف، وهو ما ترفضه أديس أبابا التي تصرّ على حقها "السيادي" في استغلال مياهها.

إسرائيل في قلب التوازن الإقليمي

بحسب التقرير، فإن إسرائيل ترى في إثيوبيا شريكًا استراتيجيًا في القارة السمراء، ومحورًا حيويًا لاحتواء النفوذ الإيراني، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر، ومواجهة التمدد التركي والروسي في المنطقة.
كما تمثل إثيوبيا بالنسبة لتل أبيب سوقًا واعدة في مجالات الزراعة، والتكنولوجيا المائية، والتعدين، خصوصًا مع امتلاكها احتياطيات كبيرة من الذهب والليثيوم.

التعاون الأمني والعسكري

أوضح التقرير أن التعاون العسكري بين إسرائيل وإثيوبيا ظل قائمًا لعقود، حتى خلال فترات القطيعة الرسمية. فإسرائيل قدمت مساعدات أمنية وتدريبًا لوحدات النخبة الإثيوبية، وساعدت في تطوير قدراتها العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن هذا التعاون مستمر حتى اليوم، خصوصًا في ظل غياب الوجود الأمريكي الفاعل في أديس أبابا، ما جعل إسرائيل بديلاً مؤثرًا في المجال الأمني.

المشهد المصري–الإثيوبي: بين التهديد والحسابات الدقيقة

تطرّق التقرير إلى المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان التي فشلت مرارًا في التوصل إلى اتفاق، رغم الوساطات الإفريقية والدولية. ولفت إلى أن القاهرة ترى في السد "خطرًا على الأمن القومي"، فيما تردّ أديس أبابا بأن المشروع شأن داخلي لا يحق لأي طرف التدخل فيه.
ويشير المحلل الإسرائيلي إلى أن مصر لا تبدو مستعدة عسكريًا لخوض مواجهة مفتوحة مع إثيوبيا، رغم المناورات والتصريحات المتصاعدة، مرجحًا أن تبقى التهديدات المصرية "في حدود الخطاب السياسي" ما لم يتأثر تدفق المياه فعليًا.

المصلحة الإسرائيلية: توازن مثالي

يخلص التقرير إلى أن الوضع الراهن يمثل فرصة استراتيجية لإسرائيل؛ فطالما بقي الجيش المصري منشغلًا بأزمة السد، فإن ذلك يخفّف الضغط الاستراتيجي على إسرائيل في الجبهة الجنوبية.
ويضيف أن تل أبيب تراقب الموقف بحذر، لأن أي اضطراب مائي كبير قد يفجر أزمة إنسانية في مصر تمتد آثارها إلى المنطقة كلها.

المياه وقود الصراع القادم

يحذّر التقرير في ختامه من أن أزمة المياه في الشرق الأوسط مرشحة لتكون محور الصراعات المقبلة، خاصة مع تغير المناخ وتراجع الموارد الطبيعية.
ويرى أن إسرائيل، بفضل خبرتها في إدارة الموارد المائية وتقنيات التحلية وإعادة التدوير، تسعى لتقديم نفسها كطرف قادر على المساعدة في تخفيف الأزمات، ولكن أيضًا كقوة تمتلك أدوات التأثير في مستقبل الأمن المائي الإقليمي.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7