نهاية نيكولا ساركوزي.. رئيس فرنسا الأسبق خلف القضبان بتهمة التمويل الليبي

2025.10.21 - 01:07
Facebook Share
طباعة

بدأ الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي اليوم الثلاثاء قضاء عقوبة بالسجن خمس سنوات، بعد إدانته بتهمة التآمر لجمع أموال من نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية عام 2007، في مشهد غير مسبوق بتاريخ الجمهورية الفرنسية الحديثة.

بهذا القرار، يصبح ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يُسجن منذ المارشال فيليب بيتان الذي أُدين بالتعاون مع النازيين عقب الحرب العالمية الثانية، في سقوط مدوٍ لزعيمٍ كان يوماً ما من أبرز رموز اليمين الفرنسي.

 


“سأبقى مرفوع الرأس”

في مقابلة مع صحيفة لا تريبون ديمانش قبيل دخوله السجن، قال ساركوزي: “لست خائفاً من السجن. سأبقى مرفوع الرأس، حتى على أبوابه.”

 

ويواجه الرئيس الأسبق سلسلة من المعارك القانونية منذ أكثر من عقد، على خلفية مزاعم بأن حملته الرئاسية تلقت ملايين اليوروهات نقداً من القذافي، الذي أطيح به وقتل خلال انتفاضات “الربيع العربي”.

ورغم إدانته بالتآمر مع عدد من مساعديه، إلا أن القضاء الفرنسي برأه من تلقي الأموال شخصياً أو استخدامها لأغراض خاصة، بينما يؤكد ساركوزي أن القضية “ذات دوافع سياسية”، متّهماً القضاة بالسعي إلى “إذلاله”.

 


سجن لا سونتيه... بين العزلة والكتب

من المقرر أن يقضي ساركوزي عقوبته في سجن لا سونتيه بالعاصمة باريس، أحد أشهر السجون الفرنسية، والذي مرّ به من قبل شخصيات مثل المناضل كارلوس الثعلب والزعيم البنمي مانويل نورييجا.

وبحسب التقارير، سيُحتجز الرئيس الأسبق في وحدة عزل انفرادية، حيث يمارس السجناء أنشطتهم بمعزل عن الآخرين لأسباب أمنية، في زنازين تتراوح مساحتها بين 9 و12 متراً مربعاً مزودة بحمامات خاصة.

وسيُسمح له بالحصول على تلفزيون مقابل 14 يورو شهرياً وهاتف أرضي، كما صرّح لصحيفة لوفيغارو بأنه سيقضي أيامه الأولى في قراءة ثلاثة كتب، بينها رواية الكونت مونتي كريستو لألكسندر دوما — قصة رجل سُجن ظلماً وسعى للانتقام من خائنيه.

 


تحوّل في العدالة الفرنسية

يمثل هذا الحكم تحولاً جذرياً في نهج القضاء الفرنسي تجاه السياسيين البارزين، إذ باتت المحاكم تطبّق مبدأ “التنفيذ الفوري للأحكام” حتى أثناء الاستئناف، في محاولة لمواجهة صورة “الإفلات من العقاب” التي كانت تلاحق النخبة السياسية.

وكانت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرّف، قد واجهت الإجراء ذاته بمنعها مؤقتاً من الترشح للمناصب العامة إلى حين البت في استئنافها العام المقبل.

 


انقسام شعبي وغضب سياسي

أثار قرار سجن ساركوزي غضب حلفائه داخل التيار اليميني، بينما اعتبر آخرون أنه إشارة قوية على استقلال القضاء الفرنسي.

وأظهر استطلاع لمؤسسة إيلاب لصالح قناة BFM TV أن 58% من الفرنسيين يرون الحكم نزيهاً، وأن 61% يؤيدون تنفيذ العقوبة فوراً دون انتظار الاستئناف.

وفي تعليق لافت، قال الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، الذي تجمعه علاقة صداقة مع ساركوزي وزوجته كارلا بروني، إنه التقاه عشية دخوله السجن، في لقاءٍ وصفته الصحافة الفرنسية بـ“الوداعي”.

 


سقوط رمزي

بخروج ساركوزي من المشهد السياسي بهذه الطريقة، يرى مراقبون أن فرنسا تطوي صفحة رمزية من تاريخها السياسي المعاصر، حيث يسقط أحد أكثر رؤسائها إثارةً للجدل خلف القضبان، بينما يبقى السؤال:
هل يشكّل ذلك نهاية الطموح السياسي لنيكولا ساركوزي، أم بداية فصل جديد في معركة قضائية طويلة؟
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4