الأمن المائي وأزمة التنمية في سوريا: خطر يهدد كل القطاعات

2025.10.20 - 08:43
Facebook Share
طباعة

لم تعد مشكلة ندرة المياه في سوريا مجرد قضية بيئية أو خدمية، وانما تحوّلت إلى تهديد مباشر للنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، سنوات الحرب الطويلة دمرت البنية التحتية الحيوية وشبكات النقل والتوزيع، لتضاف إليها آثار التغير المناخي والجفاف المستمر، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات الأمطار والمخزون الجوفي، حتى أن حصة الفرد السوري اليوم لا تتجاوز 600 متر مكعب سنوياً، أقل من خط الفقر المائي العالمي.

أسباب الأزمة المائية:

تتداخل العوامل البنيوية والطارئة في سوريا لتفاقم الأزمة أبرزها، دمار البنية التحتية وفقدان محطات ضخ وسدود رئيسية وارتفاع الفاقد المائي إلى نحو 60%
التغير المناخي بتراجع الهطولات المطرية بنسبة 30% وانخفاض منسوب الأنهار مثل الفرات والعاصي بما يزيد على ستة أمتار وانخفاض المخزونات الجوفية بنسبة تصل إلى 90% في بعض المناطق الاستنزاف البشري بحفر آلاف الآبار العشوائية والزراعة التقليدية عالية الاستهلاك والصيد الجائر والتلوث

انعكاسات الأزمة على القطاعات الاقتصادية:

الزراعة انخفاض إنتاج القمح بنسبة تصل إلى 70% وتراجع زراعة الزيتون والحمضيات، ونقص الثروة الحيوانية، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف وضعف دخول سكان الريف
الصناعة والطاقة تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية، تأثير سلبي على المصانع الغذائية والنسيجية، وانخفاض إمدادات مياه الشرب من الينابيع التقليدية.

الثروة السمكية:
انخفاض إنتاج المزارع السمكية من 40% إلى أقل من 10% بسبب الحرارة المرتفعة ونفوق الأسماك المحلية وانتشار أسماك غازية مثل السلّور الإفريقي

تأثير الأزمة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية:

تعرقل أزمة المياه التنمية الزراعية وتزيد البطالة في الأرياف وتضعف التنمية الصناعية بسبب نقص الموارد المائية والطاقة، كما تؤثر على التنمية البشرية عبر زيادة الأمراض المنقولة بالماء والضغط على المدن نتيجة الهجرة الداخلية، بالإضافة إلى تهديد التنوع البيولوجي والتصحر

سيناريوهات مستقبلية للأزمة:

الأسوأ تدهور اقتصادي وزيادة البطالة والفقر مع استنزاف الاحتياطيات النقدية
الوسيط تدخلات عاجلة ومحدودة تخفف الأثر لكنها تبقي التضخم الغذائي وضغوط الموازنة.

يرى مراقبون الأفضل إدماج إدارة المياه ضمن خطط إعادة الإعمار عبر إصلاح شبكات الري، ترشيد الاستهلاك، التحلية، ودعم المزارعين، ما يقود لتعافٍ تدريجي واستدامة طويلة الأجل

الإجراءات الحكومية والجهود الحالية:

إعادة تأهيل السدود وإنشاء محطات تحلية بطاقة 1.2 مليون متر مكعب يومياً
تشديد العقوبات على المخالفين لقانون حفر الآبار
تنفيذ مشاريع ري حديثة وتشغيل محطات ضخ بالطاقة الشمسية
التعاون مع الأردن لإدارة حوض اليرموك ومشاركة الموارد المائية بشكل عادل

مقترحات حلول استراتيجية:

الحلول العاجلة تنظيم سوق الصهاريج، دعم المزارعين بالري الحديث، معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها
الحلول متوسطة الأجل تركيب عدادات إلكترونية على الآبار، حصاد مياه الأمطار، التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية
الحلول طويلة الأجل صياغة رؤية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية، بناء مشاريع تحلية، تحديث التشريعات، حملات توعية لترشيد الاستهلاك، استثمار التكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي.

المياه حجر الأساس لأي تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة وأي خلل في توازنها ينعكس مباشرة على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي، إدارة هذا المورد الحيوي أصبحت شرطاً جوهرياً لبقاء استقرار الاقتصاد السوري وقدرته على النهوض مجدداً. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3