كشفت تقارير إسرائيلية عن تحركات دبلوماسية مكثفة يقودها مسؤولو ميناء إيلات للضغط على مصر والولايات المتحدة من أجل وقف الهجمات الحوثية التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، بعد أشهر من الشلل شبه الكامل في الميناء الإسرائيلي واستمرار عزوف شركات الشحن الدولية عن المرور عبر القناة.
وفق ما نشرته صحيفتا يديعوت أحرونوت وكالكاليست، فإن إدارة ميناء إيلات طلبت من السفارة الأمريكية في تل أبيب التدخل لدى القاهرة لحثها على ممارسة نفوذها في البحر الأحمر، وإقناع الحوثيين بوقف الهجمات الصاروخية التي تستهدف الميناء والسفن المتجهة إليه. وتأتي هذه الخطوة بعد فشل الجهود الإسرائيلية في تأمين خطوط الملاحة رغم اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في المنطقة.
وأوضحت الصحف العبرية أن الحوثيين، رغم إعلانهم التوقف عن مهاجمة إسرائيل ما دام اتفاق الهدنة بين حماس وتل أبيب قائمًا، لم يوقفوا استهداف السفن التجارية المرتبطة بالموانئ الإسرائيلية، ما تسبب في شلل شبه كامل لميناء إيلات منذ نوفمبر 2023، وتراجع إيراداته بنحو 80%.
وأضافت "كالكاليست" أن إدارة الميناء تسعى لضم قضية قناة السويس إلى الاتفاقيات البحرية التي ترعاها واشنطن، في محاولة لإيجاد حل دولي للأزمة، مع التعويل على القاهرة بوصفها المتضرر الأكبر من استمرار التهديد الحوثي للملاحة، إذ انخفضت إيرادات القناة إلى 3.99 مليار دولار في 2024، مقارنةً بأكثر من 10 مليارات في العام السابق، ما شكّل ضربة قوية لميزانية الدولة المصرية.
وتُشير التقارير إلى أن هذا التراجع دفع مصر إلى تبني إصلاحات اقتصادية صارمة لتقليل اعتمادها على دخل القناة، شملت رفع الدعم وتحسين نظام الضرائب، وهو ما سمح بتحقيق فائض في الميزانية نهاية عام 2024 بلغ نحو 13 مليار دولار، رغم استمرار أعباء الدين والتضخم.
وتؤكد التقديرات الإسرائيلية أن الحوثيين فرضوا واقعًا جديدًا في البحر الأحمر، إذ امتنعت السفن الأوروبية عن المرور عبر قناة السويس منذ مطلع 2024، بينما يُسمح فقط بعبور السفن الروسية والإيرانية والصينية بشروط خاصة، من بينها تغيير الأعلام أو دفع رسوم إضافية مقابل السماح بالمرور.
وبحسب الصحيفة الاقتصادية العبرية، فإن ميناء إيلات يراهن اليوم على ما تسميه "القوة الناعمة المصرية" لإقناع الحوثيين بتخفيف القيود، مستندًا إلى أن تضرر القاهرة من تراجع إيرادات القناة قد يدفعها للتحرك سياسيًا واقتصاديًا لاحتواء الأزمة.
ورغم الدعم المالي المحدود الذي تلقاه الميناء من الحكومة الإسرائيلية – بما في ذلك تحويل 15 مليون شيكل لتغطية الديون وقروض العمال – لا تزال الإدارة تخشى انهيار المرفأ بشكل كامل إذا استمر الحصار البحري غير المعلن.
تأتي هذه التطورات في سياق تصاعد النفوذ الحوثي في البحر الأحمر منذ أواخر 2023، بعد سلسلة هجمات استهدفت سفنًا مرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة، ما أدى إلى تغيير واسع في مسارات التجارة العالمية. وتسببت تلك الهجمات في تحويل خطوط الملاحة نحو رأس الرجاء الصالح، ما زاد من تكاليف النقل البحري وعمّق الأزمة الاقتصادية في دول المنطقة، وعلى رأسها مصر التي تعتمد بشكل كبير على عائدات قناة السويس كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي.