في خطوة تعكس استمرار الدولة المصرية في توظيف الخطاب الديني كأداة من أدوات الأمن القومي، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، وزارة الأوقاف إلى إطلاق مبادرة توعوية جديدة تحت عنوان "صحح مفاهيمك"، تستهدف إعادة صياغة الخطاب الدعوي وتحصين المجتمع من الفكر المتطرف، مع التركيز على الأطفال والنشء.
وخلال اجتماعه مع وزير الأوقاف أسامة الأزهري، أكد الرئيس على أهمية "التحصين الفكري" باعتباره خط الدفاع الأول ضد التطرف، مشددًا على ضرورة تحسين أحوال الأئمة والخطباء وتطوير برامج تدريبهم وتأهيلهم وفقًا لأحدث الأساليب العلمية.
وقال السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس شدد على مواصلة مواجهة القيم والسلوكيات السلبية التي تهدد النسيج المجتمعي، في إشارة إلى قضايا التطرف والعنف المجتمعي والانغلاق الديني التي تحاول الحكومة المصرية معالجتها ضمن خطة شاملة لإعادة تشكيل الوعي العام.
الطفل في صدارة المشهد الدعوي
وأشار وزير الأوقاف إلى إطلاق البرنامج التثقيفي للطفل للعام الدراسي 2025–2026 في أكثر من 20 ألف مسجد، ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك"، بما يعكس توجهًا جديدًا نحو استهداف الفئات العمرية المبكرة في عملية البناء الفكري والديني.
ويبدو أن هذا التوجه يأتي في إطار ما يسميه الخبراء بـ"التأميم الإيجابي للخطاب الديني"، أي وضع الرسالة الدينية تحت مظلة الدولة كجزء من مشروع الهوية الوطنية الجديدة.
إدارة الأوقاف واستثمار الدين
كما ناقش الاجتماع ملفات استثمار أصول هيئة الأوقاف المصرية وتعظيم العائد منها، في خطوة وصفها مراقبون بأنها جزء من التحول نحو إدارة أكثر احترافية للموارد الوقفية، وربطها بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
ويؤكد هذا المسار أن وزارة الأوقاف باتت تتحرك في اتجاه مزدوج: تحديث ديني وإداري، يجمع بين إصلاح الخطاب الدعوي وتعظيم العائد الاقتصادي من أموال الوقف.
تأتي المبادرة الجديدة في سياق مشروع متكامل بدأ منذ عام 2014 لإعادة ضبط المنظومة الدينية، بعد أن تحوّل الخطاب الديني في فترات سابقة إلى أحد ميادين الصراع السياسي والأيديولوجي.
ويرى محللون أن "صحح مفاهيمك" تمثل الجيل الثالث من مبادرات التجديد الديني في عهد السيسي، بعد مبادرات مثل "تجديد الخطاب الديني" و"حماية الفكر من التطرف"، لكنها تحمل هذه المرة بعدًا مؤسساتيًا أكثر وضوحًا، مع ربطها المباشر بالمساجد والتعليم الديني للأطفال.