تتجاوز خطة وزارة التربية والتعليم في سوريا لترميم وتأهيل المدارس حدود العمل الإنشائي، لتشكّل محاولة أعمق لإعادة بناء أحد أكثر القطاعات تضررًا بالحرب فبعد إعلان الوزارة عن ترميم 750 مدرسة ومواصلة العمل على 850 أخرى في مختلف المحافظات، يبرز السؤال الأهم: هل تسير البلاد نحو تعافٍ تعليمي فعلي، أم أن العملية لا تزال رمزية ضمن مسار إعادة الإعمار الأوسع؟
يؤكد مدير الأبنية المدرسية في الوزارة، المهندس محمد الحنون، أن الهدف من الخطة هو توفير بيئة تعليمية آمنة وجاذبة، وتأمين مقعد لكل طالب، لكن خلف هذا الهدف تقف تحديات اقتصادية وإدارية معقدة. فإعادة بناء المدارس ليست مجرد عملية هندسية، بل اختبار لقدرة الدولة على ترميم الثقة بين المواطن ومؤسساته، خصوصًا في المناطق التي شهدت نزاعات طويلة وانقطاعًا عن التعليم.
تشير تقديرات الوزارة إلى وجود أكثر من 7 آلاف مدرسة مدمّرة في عموم البلاد، فيما تحتاج 60% من المدارس القائمة إلى صيانة أو إعادة تأهيل، وهو رقم يعكس حجم الفجوة بين الواقع والإمكانات المتاحة ورغم الدعم الحكومي والمساهمات الدولية، فإن نقص التمويل وضعف الكوادر الفنية والبشرية يجعل تنفيذ الخطة بوتيرة بطيئة مقارنة بحجم الضرر.
من زاوية أخرى، تحمل هذه الجهود بعدًا سياسيًا واجتماعيًا واضحًا فترميم المدارس يرمز إلى استعادة الدولة لسيطرتها الإدارية والخدمية في المناطق المتضررة، وإعادة دمجها في بنية الدولة بعد سنوات من الانقسام كما أن عودة التعليم تمثل ركيزة لإعادة الاستقرار المجتمعي، خاصة في المناطق التي يعاني سكانها من آثار الحرب والنزوح.
ورغم الصورة الإيجابية التي تسعى الحكومة لإبرازها، يبقى السؤال مفتوحًا حول استدامة هذه الجهود فالتحديات تمتد من نقص التمويل إلى ضعف البنية التحتية في المناطق الريفية، إضافة إلى حاجة آلاف الأطفال لبرامج دعم نفسي وتعليمي لتعويض سنوات الانقطاع.
في المحصلة، تعكس خطة الترميم محاولة مزدوجة: إعادة بناء الحجر، وبناء ما تهدّم في الإنسان وبين الطموح والواقع، يبدو أن معركة التعليم في سوريا لم تنته بعد، بل دخلت مرحلة جديدة من الصراع الهادئ على إعادة الإعمار والمعنى.