تحت دخان الغارات الإسرائيلية التي لا تهدأ على الجنوب والبقاع، يتصاعد التحذير من أن ما يجري يتجاوز الردود العسكرية إلى مسار يستهدف الداخل اللبناني نفسه، فالقصف المتواصل بأسلحة فتاكة أمريكية الصنع، والاعتداءات التي تطال المدنيين والمزارعين، تعكس مرحلة جديدة من التصعيد تهدف إلى زعزعة الاستقرار وخلط الأوراق السياسية في البلاد.
يرى الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود أن إسرائيل، بعد فشلها في تحقيق مكاسب ميدانية، تسعى إلى التعويض عبر زرع الانقسام الداخلي وتحميل أطراف لبنانية مسؤولية العدوان.
يعقب هذا الاتهام في ظل تفاقم المشهد الإنساني في الجنوب وامتداد الغارات إلى مناطق البقاع، فيما يلتزم المجتمع الدولي صمتاً مريباً يمنح إسرائيل مساحة أوسع للتمادي.
التحذير من “تفكيك الجبهة الداخلية” يوضح مخاوف حقيقية من أن يتحول العدوان الخارجي إلى أزمة داخلية تُضعف الموقف اللبناني الموحد، خاصة مع ارتفاع أصوات داخلية تبرر أو تبرئ الاحتلال بشكل غير مباشر.
وهنا تبرز إشارة لحود إلى “دروس التطبيع” في دول الجوار، بوصفها دليلاً على أن إسرائيل لا تنفكّ عن أطماعها حتى بعد توقيع الاتفاقيات.
في العمق، تكشف التطورات أن الحرب لم تعد عسكرية فحسب، بل نفسية وسياسية أيضاً، تُستخدم فيها أدوات الإعلام والخطاب العام لتوجيه الرأي الداخلي الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، وتصريحات غربية تتحدث عن “تسليح الجيش اللبناني لمهام داخلية”، يفتحان الباب أمام تساؤلات عن حدود السيادة وعن طبيعة الدور الذي يراد للبنان أن يؤديه في المرحلة المقبلة.
يرى مراقبون أن العدوان المتواصل يختبر قدرة اللبنانيين على الحفاظ على وحدتهم، في وقت تتقاطع فيه المصالح الإقليمية والدولية على أرضهم. الرسالة الواضحة من هذا المشهد أن الجنوب ليس مجرد ساحة قتال، بل مرآة لصراع أوسع حول هوية لبنان وموقعه في معادلة الشرق الأوسط.