أثارت مذكرة تسجيل الطلاب السوريين في المدارس الرسمية اللبنانية خلال دوام بعد الظهر جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر بعض الناشطين والجهات الاجتماعية والسياسية عن اعتراضهم على تطبيقها، ودعوا الوزيرة إلى التراجع عنها.
ومع ذلك، أكّد المكتب الإعلامي لوزارة التربية أن هذا القرار ينفذ ما صادق عليه مجلس الوزراء بالإجماع، وأن أي تعديل أو تراجع لا يمكن أن يتم إلا بموافقة المجلس مجتمعا.
الموضوع يتجاوز كونه مجرد تعليمات إدارية، فهو مرتبط بحقوق الطلاب السوريين وحقوق الدولة اللبنانية في تنظيم العملية التعليمية وضمان وصول الجميع إليها بطريقة منسقة، هذا الملف يحمل أبعاداً إنسانية واجتماعية واضحة، لأنه يسهم في جمع بيانات دقيقة عن الطلاب السوريين، ما يسهّل متابعة وضعهم التعليمي وعودة النازحين إلى بلادهم بشكل منظم، كما يحدّ من المخاطر المرتبطة بالتعليم غير النظامي.
على المستوى التحليلي، يظهر أن الهدف الأبرز من تطبيق المذكرة هو تنظيم التعليم بطريقة مستدامة، وضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب اللبنانيين والسوريين، بالإضافة إلى ضبط العملية التعليمية لتتوافق مع الالتزامات الوطنية والدولية للبنان في مجال التعليم، هذه الخطوة قد تكون حجر أساس لتقليل الاحتكاكات الاجتماعية بين المجتمعات المختلفة في لبنان، وضمان أن المدارس الرسمية تستوعب العدد الكبير من الطلاب دون تهديد جودة التعليم.
ومع ذلك، تواجه وزارة التربية تحديات كبيرة في تطبيق المذكرة على الأرض، بسبب اختلاف مستويات استعداد المدارس، وتفاوت الموارد البشرية والمادية، وغياب خطط تنسيق واضحة مع السلطات المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حساسية لدى بعض الجهات السياسية تجاه أي مسألة تتعلق بالطلاب السوريين، ما يجعل إدارة هذه العملية أكثر تعقيداً.
يمكن اعتبار المذكرة فرصة لتقييم قدرة لبنان على إدارة ملف النازحين بشكل متكامل، وربط التعليم بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية، بما يسهم في تحقيق نوع من الاستقرار المجتمعي فالتعامل المنهجي مع هذه القضية يعكس أهمية وجود بيانات دقيقة، وإجراءات واضحة تساعد على حماية الحقوق وتعزيز المسؤولية المشتركة بين الوزارات والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني.
يبقى التركيز على التنفيذ الفعلي للمذكرة بشكل دقيق ومسؤول هو العامل الأساسي لنجاح هذه الخطوة، مع ضرورة تأكيد أن أي تعديل لا يمكن أن يتم إلا بموافقة مجلس الوزراء، ما يضع الوزارة في موقع الالتزام التام بتوجيهات الحكومة، ويؤكد أن هذه العملية ليست مسألة فردية، بل جزء من استراتيجية شاملة لإدارة التعليم وضمان حقوق جميع الطلاب.