إيران تتحلل من قيود الاتفاق النووي: نهاية مرحلة الدبلوماسية المقيدة؟

طهران تعلن انتهاء العمل باتفاق 2015 وقرار مجلس الأمن 2231 وسط تصاعد التوتر مع الغرب

2025.10.18 - 12:51
Facebook Share
طباعة

في تطورٍ يعيد الملف النووي الإيراني إلى واجهة الصراع الإقليمي والدولي، أعلنت طهران، السبت، أنها لم تعد ملزمة بالقيود المفروضة على برنامجها النووي، معتبرةً أن العمل باتفاق عام 2015 وقرار مجلس الأمن رقم 2231 قد انتهى فعليًا.
هذا الإعلان، الذي جاء على لسان وزارة الخارجية الإيرانية، يمثل تحولًا جوهريًا في مسار التزامات إيران الدولية، بعد عقدٍ من الزمن على الاتفاق الذي شكّل أحد أهم إنجازات الدبلوماسية متعددة الأطراف في الشرق الأوسط.

وأكدت الخارجية الإيرانية في بيان رسمي أن "جميع أحكام الاتفاق النووي والآليات ذات الصلة تُعتبر منتهية من الآن فصاعدًا"، لكنها شددت في الوقت ذاته على "التزام إيران الراسخ بمسار الدبلوماسية والحوار".

وقال وزير الخارجية عباس عراقجي في رسالة إلى مجلس الأمن إن الاتفاق والقرار الأممي اللذين أرسيا الإطار القانوني للبرنامج النووي الإيراني قد "انقضيا بشكل نهائي"، معتبرًا أن فشل تطبيقهما يعود إلى "انسحاب واشنطن الأحادي وتخاذل أوروبا عن الوفاء بالتزاماتها".

 


اتهامات متبادلة وانسداد دبلوماسي

اتهمت طهران الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة عبر انسحابها من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وإعادة فرض العقوبات التي وصفتها بـ"غير القانونية والأحادية"، كما حمّلت الترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) مسؤولية "التقاعس عن تنفيذ التزاماتها، بل والمضي في فرض عقوبات جديدة".

في المقابل، ترى العواصم الغربية أن إيران هي من خرقت جوهر الاتفاق من خلال رفع مستويات تخصيب اليورانيوم وتوسيع قدراتها في مجالات التخصيب والتصنيع العسكري، وهو ما تعتبره واشنطن وتل أبيب تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.

وبحسب مصادر دبلوماسية أوروبية، فإن إعلان إيران اليوم "يُغلق فعليًا باب العودة إلى صيغة فيينا"، أي المفاوضات التي كانت تهدف إلى إعادة إحياء الاتفاق عبر خطوات تدريجية متبادلة.

 


تداعيات إقليمية واحتمال تصعيد

يأتي الموقف الإيراني في توقيتٍ حرج، إذ يتزامن مع تصاعد التوتر في الخليج وازدياد حدة المواجهة غير المباشرة بين طهران وتل أبيب على أكثر من جبهة — من سوريا ولبنان إلى البحر الأحمر.
ويرى محللون أن إعلان طهران التحلل من القيود النووية يفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تشمل رفع مستوى التخصيب إلى ما يتجاوز الحدود السابقة البالغة 60%، وهو ما قد يدفع إسرائيل إلى تسريع خياراتها العسكرية أو عملياتها السرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

في المقابل، تراهن طهران على أن الغرب، المنهمك في أزمات أوكرانيا وغزة والاقتصاد العالمي، لن يغامر بمواجهة مباشرة معها، بل سيسعى إلى احتواء الموقف عبر القنوات الدبلوماسية.


من فيينا إلى الانهيار

وُقع الاتفاق النووي في يوليو 2015 بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، وألمانيا)، وهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع تدريجي للعقوبات.
لكن بانسحاب واشنطن منه عام 2018 وعودة العقوبات، فقد الاتفاق توازنه السياسي والاقتصادي، ومع مرور السنوات وغياب التنفيذ المتبادل، تحوّل إلى هيكل دبلوماسي فارغ حتى وصول لحظة "الانقضاء الرسمي" التي أعلنتها إيران اليوم.


ما بعد القيود

مع انتهاء مفاعيل الاتفاق والقرار الأممي 2231، تدخل إيران مرحلة جديدة من إدارة ملفها النووي دون غطاء قانوني دولي، لكنها تحاول الإيحاء بأنها ما زالت متمسكة بخيار "الدبلوماسية بشروطها".
يبقى السؤال المطروح: هل يمثل هذا الإعلان تمهيدًا لسباق نووي في المنطقة، أم ورقة ضغط أخيرة قبل عودة محتملة إلى طاولة المفاوضات؟
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 9