رغم عقود من الوعود الدولية وبرامج “التنمية المستدامة”، ما يزال نحو 700 مليون شخص حول العالم يعيشون تحت خط الفقر المدقع، وفق أحدث بيانات البنك الدولي، أي بما يعادل 8.5% من سكان الكوكب ممن يعيشون على أقل من 2.15 دولار يوميًا.
ملامح أزمة لا تنحسر
التقرير الصادر عن البنك الدولي لعام 2024، والذي اطلعت عليه وكالة الأناضول، أشار إلى أن الجهود العالمية لم تنجح في تقليص دائرة الفقر كما كان متوقعًا ضمن أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وبحسب البنك، فإن أكثر من 3.5 مليارات إنسان يعيشون على أقل من 6.85 دولارات يوميًا، وهو مستوى معيشي يُصنف ضمن “الفقر في البلدان متوسطة الدخل”.
ويحذر خبراء التنمية من أن اتساع رقعة الصراعات المسلحة، إلى جانب التضخم وتغير المناخ، يبدد أي مكاسب تحققت خلال العقود الماضية، خصوصًا في مناطق النزاع مثل السودان واليمن وسوريا.
جنوب السودان واليمن في صدارة أفقر الدول
بيانات منصة Visual Capitalist الكندية، المستندة إلى تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أبريل/نيسان 2025، أظهرت أن جنوب السودان يتصدر قائمة أفقر دول العالم بنصيب فرد من الناتج المحلي لا يتجاوز 251 دولارًا سنويًا.
ويليه اليمن بـ417 دولارًا، ثم بوروندي بنحو 490 دولارًا للفرد، ما يعكس عمق الأزمات الاقتصادية والإنسانية في تلك الدول التي تعصف بها الحروب منذ سنوات.
تفاوت عالمي صارخ
ورغم تحسن مؤشرات الفقر في مناطق مثل شرق آسيا وجنوبها خلال الـ25 عامًا الماضية، فإن فجوة التفاوت بين الشمال والجنوب العالميين آخذة في الاتساع.
ففي حين يعيش الفرد في الاقتصادات المتقدمة على متوسط دخل يومي يتجاوز 100 دولار، يعجز مئات الملايين في إفريقيا وآسيا عن تأمين وجبة غذاء كافية أو مياه نظيفة.
توقعات قاتمة لعام 2030
التقديرات المستقبلية للبنك الدولي تشير إلى أن 7.3% من سكان العالم سيظلون عالقين في دائرة الفقر المدقع بحلول عام 2030، ما يعني أن هدف “القضاء على الفقر” الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1992 يبدو بعيد المنال.
ويأتي ذلك رغم اعتماد 17 أكتوبر/تشرين الأول يومًا دوليًا للقضاء على الفقر، لتذكير العالم بأن التفاوت الاجتماعي والاقتصادي لا يزال أحد أبرز التحديات الإنسانية المعاصرة.
تؤكد هذه الأرقام أن العالم لا يواجه أزمة اقتصادية بقدر ما يواجه أزمة توزيع للثروة. فبينما تتراكم الثروات في أقل من 1% من سكان العالم، يتقلص نصيب الفقراء من الناتج العالمي عامًا بعد عام.
كما أن الحروب والتغير المناخي والهجرة القسرية أصبحت وقودًا جديدًا لإعادة إنتاج الفقر، في مشهد يضع المؤسسات المالية الدولية أمام تساؤلات حقيقية حول جدوى سياساتها التنموية التقليدية.