بعد سقوط نظام الأسد، اختفى عدد كبير من كبار المسؤولين الذين كانوا يشغلون مناصب تنفيذية وأمنية في دمشق، تاركين خلفهم سجلاً من القرارات والإجراءات المرتبطة بالانتهاكات ضد المدنيين.
حاول فريق صحفي دولي تتبع مصير هؤلاء المسؤولين لتوثيق طرق فرارهم وفهم الشبكات التي اعتمدوا عليها بما يقدّم صورة واضحة عن المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سنوات من النزاع، وفق تحقيق نشر بصحيفة نيويورك تايمز.
تحديد المسؤولين الأبرز:
بدأ فريق التحقيق بالتركيز على قائمة تضم 55 شخصية رفيعة تم اختيارهم وفق ارتباطهم المباشر بالقرارات الأمنية والعسكرية خلال سنوات الحرب وخاصة تلك المتعلقة بقتل المتظاهرين والهجمات الكيميائية والإعدامات، اعتمد الصحفيون على قوائم العقوبات الدولية وتقارير منظمات سورية مدنية مثل "سوريا فري برس" و"زمان الوصل" وأرشيفات متخصصة في توثيق الانتهاكات الكيميائية.
تم استبعاد الشخصيات التي اقتصرت مسؤولياتها على القضايا المالية أو الإدارية لتضييق نطاق التحقيق على الأسماء التي تتحمل أعلى درجات المسؤولية المباشرة.
توثيق الأدلة والشهادات:
اعتمد الفريق على مزيج من المصادر المفتوحة والمقابلات الميدانية مع العائلات والشهود والموظفين السابقين للنظام إضافة إلى مراجعة وثائق رسمية وصور منشورة على الإنترنت، شملت المصادر المفتوحة تحليل الصور والحسابات الشخصية على مواقع التواصل والوثائق الرسمية وإعلانات الوفيات أما الشهادات المباشرة فكانت من أفراد من عائلات المسؤولين ومصادر محلية في سوريا ولبنان وفرنسا وبلجيكا.
رصد طرق الفرار:
تبين أن المسؤولين استخدموا عدة طرق للهروب بعد تقدم قوات المعارضة نحو دمشق فقد غادر بعضهم عبر طائرات خاصة وزوارق فاخرة للوصول إلى الساحل أو المطارات خارج العاصمة بينما تحرك آخرون في قوافل سيارات فارهة عبر نقاط التفتيش الجديدة دون أن تُكشف هويتهم ولجأ بعضهم إلى سفارة روسيا للحصول على حماية مؤقتة فيما اختفى آخرون ضمن شبكات حماية في الإمارات.
التحديات القانونية والملاحقة:
يواجه المجتمع الدولي والمحاكم الأوروبية والأمريكية صعوبات في ملاحقة هؤلاء المسؤولين بسبب تحديات تتعلق بصعوبة تتبع أماكن إقامتهم الحالية وغياب الوثائق الكاملة نتيجة النزاع والفوضى بعد انهيار النظام بالإضافة إلى الحاجة إلى تنسيق دولي لجمع الأدلة والشهود المتوفرين محليًا.
دور المجتمع المدني:
تلعب منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية دوراً أساسياً في توثيق الانتهاكات وربطها بالمسؤولين السابقين استعدادًا لملاحقتهم قضائيًا في المستقبل وتشمل جهودها بناء ملفات للمساءلة القانونية وجمع شهادات من ناجين وعائلات ضحايا ومراقبة وثائق النظام السابقة وربطها بالأحداث الموثقة.
يبقى مصير هؤلاء المسؤولين موضوعًا مفتوحًا وسط استمرار الجهود المحلية والدولية لتوثيق الجرائم وتحقيق العدالة الهروب الجماعي بعد سقوط النظام يعكس التحديات الكبيرة في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ويبرز الحاجة إلى آليات فعّالة لمتابعة هؤلاء الأفراد وضمان مساءلتهم قانونيًا في مرحلة إعادة البناء في سوريا.