تشهد محافظة دير الزور حالة من الفوضى النفطية، نتيجة انتشار عمليات استخراج النفط بطرق بدائية وعشوائية خارج أي إشراف فني أو رقابة بيئية. هذه العمليات أثرت بشكل واضح على البيئة والصحة العامة، كما ساهمت في توترات اجتماعية محدودة بين بعض العشائر المحلية.
قبل عام 2011، كانت شركات النفط تعمل وفق معايير صارمة لضمان السلامة وحماية البيئة، إلا أن التغيرات اللاحقة أدت إلى تراجع الرقابة وزيادة الاعتماد على أساليب بدائية في الاستخراج والمعالجة، هذا التحول انعكس على تلوث واسع في المياه والتربة، وأدى إلى ظهور أمراض مزمنة بين السكان المحليين.
تشير شهادات مهنيين وسكان إلى أن عمليات الاستخراج العشوائي تفرز مواد سامة ومركبات نفطية ضارة، ترتبط بارتفاع معدلات الأمراض الجلدية والسرطانية وأحيانًا تشوهات خلقية، كما أن الحراقات المحلية المنتشرة لتحويل النفط الخام إلى مشتقات أدت إلى حوادث اختناق وانفجارات، مضيفة عبئًا إضافيًا على السلامة العامة.
من ناحية أخرى، ساهمت الفوضى في تراجع الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ، أدت إلى انخفاض حاد في إنتاج المحاصيل بسبب تلوث التربة والآبار، تلوث مياه الشرب بات مصدر قلق رئيسي، نتيجة إلقاء النفايات النفطية في حفر سطحية بدلًا من معالجتها أو دفنها بطريقة آمنة.
الأزمة الحالية في دير الزور تظهر الحاجة الماسة إلى خطط إصلاحية شاملة، تشمل إجراءات بيئية صارمة، ورقابة على عمليات الاستخراج، وحماية صحية للسكان.
كما تتطلب معالجة المخاطر التقنية والتشغيلية المرتبطة بالحراقات البدائية، لضمان الحد من الحوادث والضرر الصحي.
يبقى التحدي الأكبر هو موازنة الحاجة الاقتصادية للنفط مع حماية البيئة والصحة العامة، بما يضمن استقرار المنطقة ويقلل من آثار النزاعات العشائرية الناجمة عن المنافسة على الموارد، الإجراءات السريعة والتنظيمية تبدو ضرورية لتجنب تفاقم الأزمة وجعلها أكثر صعوبة على المجتمعات المحلية.