مركز أميركي لإعمار غزة من داخل إسرائيل.. إعادة بناء أم إدارة بالوكالة؟

2025.10.16 - 12:25
Facebook Share
طباعة

تتسارع الخطوات الدولية والإقليمية نحو تطبيق بنود ما يُعرف بـ"خطة غزة"، في ظل تداخل الملفات الإنسانية والأمنية والسياسية التي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة في القطاع. ومع تكشف تفاصيل جديدة حول مركز تنسيق إعادة الإعمار، يبدو أن الولايات المتحدة تحاول رسم معادلة دقيقة بين تثبيت وقف النار، وإعادة صياغة المشهد الإداري في غزة.

مركز تنسيق بإدارة أميركية من داخل إسرائيل

بحسب ما نقلته شبكة "ABC" الأميركية، فإن مركزاً أميركياً لتنسيق جهود إعادة إعمار غزة سيبدأ عمله خلال الأيام المقبلة، بقيادة جنرال أميركي يحمل ثلاث نجوم. وسيتولى هذا المركز تنسيق الجهود الأمنية والإنسانية، بما في ذلك توزيع المساعدات والإشراف على مشاريع البنية التحتية، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ بدء الحديث عن ترتيبات ما بعد الحرب.
وتشير المعلومات إلى أن مقر المركز سيكون داخل إسرائيل، دون الكشف عن موقعه لأسباب أمنية، في دلالة على حساسية الدور الذي سيؤديه، واحتمال بقاء التنسيق محصوراً في أطر أمنية محكمة.

قوة استقرار دولية.. ومشاركة محدودة أميركياً

تزامناً مع ذلك، تتبلور ملامح قوة دولية جديدة تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، يفترض أن تنتشر في غزة لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار وضمان الاستقرار الأمني.
مصادر مطلعة أكدت أن الخطة تتضمن نشر ما لا يقل عن ألف جندي دولي، أي ضعف العدد الذي كان مطروحاً في المداولات الأولى، على أن تتولى القوة فرض النظام ومراقبة الحدود والإشراف على دخول العناصر الأمنية الفلسطينية الذين أنهوا تدريباتهم في مصر والأردن.
ورغم الدعم الأميركي لهذه القوة، إلا أن مشاركة واشنطن ستقتصر على نحو 200 جندي للمهام التقنية والتنسيقية، دون انتشار فعلي داخل غزة، ما يعكس رغبة إدارة ترامب في الحفاظ على حضور سياسي وأمني دون التورط الميداني المباشر.

اللاعبون الإقليميون.. بين القبول والتحفظ

تجري في الوقت ذاته مشاورات مع عدد من الدول العربية والإسلامية – منها مصر والإمارات وقطر وتركيا وإندونيسيا وأذربيجان – للمشاركة ضمن التفويض الأممي المقترح.
وقد أعلنت أنقرة صراحة استعدادها للمشاركة في "قوة المهام"، معتبرة أن الوجود التركي في غزة يمثل ضمانة لنجاح المسار الإنساني، بينما لا تزال القاهرة تركز على ضبط إيقاع التنسيق الحدودي وضمان سيادة القرار الفلسطيني في إدارة المعابر.

معبر رفح.. اختبار الثقة

القضية الأكثر حساسية تبقى معبر رفح، الذي يُعد شريان الحياة للقطاع. فقد أفادت القناة الإسرائيلية 14 بأن هناك توافقاً على أن تتولى "قوة محلية من غزة" تشغيل المعبر، بموافقة القيادة الأمنية الإسرائيلية، فيما أكد مصدران لـ"رويترز" أن إعادة فتح المعبر ستتم بالتزامن مع عودة بعثة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبي.
ومع غياب رد رسمي من الحكومة الإسرائيلية، تظل مسألة السيطرة على المعبر محكومة بالموافقة الأمنية النهائية من تل أبيب، ما يثير مخاوف من أن تتحول إدارة المعابر إلى أداة ضغط سياسي مستمرة.

المساعدات الإنسانية.. بين الوعود والعراقيل

من جانبه، دعا توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إسرائيل إلى فتح جميع المعابر "فوراً" لإدخال المساعدات إلى غزة، مشدداً على أن ذلك يجب أن يتم ضمن إطار اتفاق وقف النار.
ويُنتظر أن يتوجه فليتشر إلى معبر رفح من الجانب المصري لتقييم الوضع الإنساني، وسط تأكيدات من منظمات الإغاثة بأن الأزمة المعيشية لا تزال خانقة رغم توقف العمليات العسكرية.

إعادة الإعمار بين التجاذب والسيادة

تثير الخطة الأميركية لإعادة إعمار غزة تساؤلات واسعة حول مفهوم "الإعمار المشروط"، إذ يخشى مراقبون أن يتحول المركز الأميركي الجديد إلى أداة إدارة ميدانية غير مباشرة، تكرّس اعتماد القطاع على القرار الأمني الإسرائيلي وتقلّص هامش السيادة الفلسطينية.
وفي المقابل، ترى واشنطن أن إشرافها المباشر هو ضمانة لعدم إعادة تمويل البنى التحتية العسكرية لحركة حماس، ولتوجيه الدعم نحو إعادة بناء المؤسسات المدنية.

وبينما تتعدد الأطراف المشاركة في "خطة غزة"، تبقى الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كان هذا التحرك الدولي سيقود فعلاً إلى استقرار دائم، أم إلى هندسة سياسية جديدة للقطاع تفرض وصاية غير معلنة تمتد لما بعد إعادة الإعمار. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1