تتصاعد التوترات السياسية في إسرائيل مع إطلاق أنصار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حملة واسعة لإلغاء محاكمته بتهم فساد، مستندة إلى دعم مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتسببت هذه الحملة في ظهور انقسامات واضحة داخل المجتمع الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض، ما يعكس الصراع المحتدم بين مؤسسات الدولة وقاعدة السلطة التنفيذية.
يقدّم مؤيدو نتنياهو، بينهم وزراء ونواب من حزبه، مشروع قانون يتيح تقليص عدد جلسات المحكمة وتقليص مددها، مع إمكانية تدخل وزير الدفاع بالتشاور مع وزير العدل لإصدار أوامر تؤثر على سير الإجراءات الجنائية لمدة تصل إلى 180 يومًا.
ويشير مؤيدو الحملة إلى أن الإجراءات تهدف إلى مراعاة "الأمن الوطني"، إلا أن المعارضة ترى فيها محاولة لتجاوز القضاء والتأثير على استقلاله.
تزامن هذه الخطوات مع خطاب ترمب في الكنيست، الذي قلّل من شأن الاتهامات الموجهة لنتنياهو وسعى لإقناع الرئيس الإسرائيلي بإصدار عفو عنه، ما أثار موجة من النقد الحقوقي والسياسي داخل إسرائيل. ويصف محللون القانون والسياسة في البلاد، مثل البروفسور أوري شارون، الخطوات الأخيرة بأنها محاولة لتقويض المؤسسات القضائية واستخدام نفوذ سياسي خارجي لتبرير تجاوزات داخلية.
في الشارع، شهدت تل أبيب ومدن أخرى مظاهرات حاشدة ضد الحملة، شارك فيها مئات الإسرائيليين، معربين عن رفضهم للتدخل السياسي في مسار العدالة، وأوضح المتظاهرون القانون يجب أن يُطبق على الجميع، وأن مساعي نتنياهو لإلغاء المحاكمة تهدد نزاهة القضاء وأمن الدولة.
كما ظهرت انقسامات إضافية بين الأحزاب السياسية: حيث دعم حزب الليكود خطوة نتنياهو، فيما حذّرت أحزاب المعارضة اليمينية واليسارية من خطورة المشروع على الاستقرار السياسي، هذه الانقسامات امتدت إلى المجتمع المدني والشارع الإسرائيلي، مع احتجاجات من قبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين سابقًا، الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن إخفاقات حكومية وإعادة تقييم إدارة الصراعات العسكرية، مثل الحرب على غزة.
وكان نتنياهو قد حاول تأجيل جلسة المحكمة بدعوى ظروف صحية وزيارات رسمية، إلا أن إلغاؤها من الجانب الآخر أجبره على المثول أمام المحكمة، أظهر هذا التوتر المزدوج بين سلطاته التنفيذية والقضائية حجم الانقسام الذي يعيشه النظام السياسي في إسرائيل.
في المقابل، يواجه نتنياهو انتقادات واسعة من مؤسسات حقوقية وإعلامية، معتبرة أن المشروع يمثل محاولة لتقويض سيادة القانون واستغلال النفوذ الخارجي لتحقيق أهداف سياسية داخلية. ويؤكد المعارضون أن استمرار مثل هذه السياسات قد يؤدي إلى أزمات جديدة، ويضعف الثقة بمؤسسات الدولة لدى الجمهور الإسرائيلي.
تظل الأزمة السياسية في إسرائيل على صفيح ساخن، حيث تتقاطع الضغوط الداخلية والخارجية، ويستمر الانقسام بين مؤيد ومعارض في حدة غير مسبوقة.