شهدت سوريا خلال سنوات الحرب المستمرة سلسلة من الانتهاكات التي طالت المدنيين والسجناء على حد سواء، إلا أن مرحلة جديدة من التغطية على الجرائم كشفت عن عمليات سرية نادرة، تتعلق بنقل الجثث من مقابر جماعية إلى مواقع مخفية في الصحراء، في محاولة لاستعادة صورة النظام الدولي والسياسي.
كشفت وكالة رويترز، من خلال تحقيق استقصائي شامل، أن حكومة نظام بشار الأسد نفذت عملية سرية استمرت عامين لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية معروفة في مدينة القطيفة إلى موقع سري في صحراء ضمير على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة دمشق
تفاصيل عملية النقل:
استمرت العملية بين شباط 2019 ونيسان 2021، وكانت تنفذ أربع ليالٍ أسبوعياً، حيث تتحرك من ست إلى ثماني شاحنات محملة بالتراب والجثث من القطيفة إلى الصحراء، وفق إفادات 13 شخصاً لهم معرفة مباشرة بالعملية. العملية أُطلقت عليها تسمية "عملية نقل الأرض" وشملت إنشاء مقبرة جماعية تحتوي على ما لا يقل عن 34 خندقاً يبلغ طول كل منها نحو كيلومترين، لتصبح واحدة من أوسع المقابر الجماعية في تاريخ الثورة السورية
أهداف العملية:
هدفت العملية إلى التغطية على جرائم النظام واستعادة صورته الدولية بعد سنوات من الانتهاكات والعقوبات، الضابط السابق في الحرس الجمهوري أوضح أن الفكرة وُلدت أواخر 2018 عندما اقترب النظام من تحقيق الانتصار العسكري، وسعى لاستعادة الاعتراف الدولي رغم الاتهامات بالاعتقالات الجماعية والاغتيالات
تاريخ المقبرة وموقعها:
بدأ دفن القتلى في القطيفة منذ عام 2012 وضم جثث جنود وسجناء قضوا في السجون ومشافي النظام، وفي عام 2014 نشر ناشط حقوقي صوراً للمقبرة، ما أظهر موقعها العام على أطراف دمشق قبل تحديد الموقع الدقيق لاحقاً عبر إفادات محاكمية وتقارير إعلامية
تحدث الشهود عن رائحة الموت والتحديات اللوجستية، بينهم سائقان وثلاثة ميكانيكيين ومشغل جرافة وضابط سابق في الحرس الجمهوري شارك منذ البداية، التحقيق لم يتمكن من تحديد ما إذا كانت جثث من أماكن أخرى وصلت إلى الموقع، ولم يجد وثائق رسمية تشير إلى العملية أو المقابر الجماعية
ردود النظام السابق والحالي
لم يتسن الوصول إلى بشار الأسد المقيم في روسيا، ولا إلى عدد من المسؤولين العسكريين المشاركين، للتعليق.
بعد سقوط النظام أواخر العام الماضي، أخبرت وكالة رويترز الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع بنتائج التحقيق دون الحصول على إجابات
الآثار والتداعيات:
تسلط العملية الضوء على مدى تعقيد الأوضاع الإنسانية والقانونية في سوريا، وتوضح حجم التغطية على الانتهاكات أثناء الحرب، وتطرح أسئلة حول المسؤولية الدولية وآليات العدالة المستقبلية، مع الحاجة لتوثيق مقابر جماعية إضافية لضمان حق الضحايا وعائلاتهم.