كشف المفاوض الإسرائيلي في ملف الرهائن غيرشون باسكين عن تفاصيل جديدة تتعلق بمراسلات سرية جرت بين القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي وجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، قبل نحو عام ونصف من اندلاع الحرب على غزة، في خطوة قال إنها كانت تهدف إلى استكشاف فرص سلام واقعية بين الجانبين.
وفي مقابلة مع شبكة CNN الأمريكية، أوضح باسكين أنه يعرف البرغوثي منذ عام 1996، وأنه عمل معه عن قرب في إطار مفاوضات غير رسمية حول الوضع النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيراً إلى أنه كان على تواصل دائم معه من خلال عائلته ومحاميه.
وقال باسكين إنه أدار مراسلات غير مباشرة بين البرغوثي وأحد رؤساء "الشاباك" السابقين، تبادلا خلالها خمس رسائل توقفت مع تصاعد التوترات التي سبقت الحرب. وكشف أن آخر رسالة تلقاها من البرغوثي كانت من أربع صفحات، عرض فيها رؤية متكاملة للسلام على أساس حل الدولتين، في إطار إقليمي يوازن بين الأمن والاقتصاد ويضمن الاستقرار للطرفين.
حرب انتهت... واتفاق فُرض بالقوة
وأشار باسكين إلى أن "الحرب في غزة انتهت فعلياً"، موضحاً أنه شارك بعمق في مفاوضات الشهرين الماضيين، التي وصفها بأنها "الأكثر اختلافاً في تاريخ المنطقة".
وأكد أن العامل الحاسم في نجاح المفاوضات كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تدخّل بقوة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لقيادات من حركة "حماس" في الدوحة، وقرر فرض اتفاق سلام لا يمكن لأي طرف الانسحاب منه.
وأضاف أن ترامب فرض الاتفاق على كل الأطراف، بما في ذلك إسرائيل وحماس، وجمعهم ضمن "حزمة واحدة"، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر للموافقة عليه تحت ضغط أمريكي مباشر.
مجلس سلام لإعمار غزة
وتحدث باسكين عن قرار أممي مرتقب سيؤسس لما وصفه ترامب بـ"مجلس السلام"، وهو كيان دولي سيتولى إعادة إعمار غزة، من إزالة الأنقاض إلى إعادة بناء البنية التحتية الحيوية من مياه وكهرباء وصرف صحي.
وشدد على أن سكان غزة "لا يملكون ترف الانتظار لتحقيق إجماع وطني فلسطيني"، لافتاً إلى أن الاحتياجات الإنسانية العاجلة ــ من مأوى وغذاء وماء ــ تفرض تحركاً سريعاً يتجاوز الجمود السياسي.
عباس يعود إلى المشهد ونتنياهو يغيب
وفي إشارة لافتة، كشف باسكين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس شارك في مؤتمر شرم الشيخ رغم أنه لم يكن مدعواً قبل ساعات قليلة من انعقاده، معتبراً ذلك مؤشراً على إعادة واشنطن الاعتراف بدوره السياسي.
في المقابل، غاب نتنياهو عن المؤتمر رغم تلقيه دعوة رسمية، مبرراً ذلك بتزامن الحدث مع عيد "سمحات توراه" الذي يمنع السفر وفق الشريعة اليهودية، وهو ما وصفه باسكين بأنه "خطأ تاريخي" فوت على إسرائيل فرصة لإظهار التزامها بحل الدولتين.
وأضاف المفاوض الإسرائيلي أن القادة الحاضرين في شرم الشيخ نقلوا إلى ترامب رسالة واضحة مفادها أن السلام الحقيقي يجب أن يكون بين إسرائيل وفلسطين، لا بين إسرائيل وغزة فقط.
يُعد مروان البرغوثي أحد أبرز رموز الحركة الأسيرة في فلسطين، وعضواً في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، يقضي حكماً بالسجن المؤبد في إسرائيل منذ عام 2002.
ويُنظر إليه على نطاق واسع كأحد أكثر الشخصيات القادرة على توحيد الصف الفلسطيني، وهو ما يجعل أي تواصل أو مراسلات معه ذا دلالة سياسية تتجاوز حدود السجن والجدران.
أما غيرشون باسكين، فقد لعب دوراً محورياً سابقاً في الوساطة لإتمام صفقة شاليط عام 2011 بين إسرائيل وحماس، ما يمنحه ثقلاً خاصاً في الملفات الحساسة بين الجانبين.