مؤتمران فرنسيان لإعادة بناء الاستقرار في لبنان

2025.10.14 - 05:05
Facebook Share
طباعة

تعود فرنسا مجدداً إلى الواجهة اللبنانية مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عزمه تنظيم مؤتمرين دوليين قبل نهاية العام لدعم الجيش اللبناني وإعادة إعمار البلاد، في خطوة تعكس رغبة باريس في تثبيت حضورها التاريخي في المشهد اللبناني وإعادة إحياء نفوذها السياسي والاقتصادي بعد فترة من الجمود.

وجاءت رسالة ماكرون إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لتؤكد هذا التوجه، حيث شدد على تصميمه على دعم القوات المسلحة باعتبارها المؤسسة الوطنية الضامنة للسيادة والاستقرار، وعلى التزام فرنسا بمساندة لبنان في تجاوز أزماته المتراكمة عبر خطة إعادة إعمار شاملة.
يُقرأ مضمون الرسالة في سياق أوسع يتجاوز الدعم العسكري والاقتصادي إلى إعادة تموضع فرنسي سياسي، خصوصاً بعد تنامي الحضور الإقليمي لقوى أخرى في الساحة اللبنانية وتراجع المبادرة الفرنسية التي انطلقت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020 من دون تحقيق نتائج ملموسة.

يرى مراقبون أن تجديد باريس اهتمامها بلبنان يأتي مدفوعاً بعاملين أساسيين؛ الأول الحفاظ على دورها التقليدي كضامن لاستقرار البلد وحامٍ للتوازن بين مكوناته، والثاني مواجهة تراجع نفوذها أمام المبادرات الإقليمية الجديدة التي تحاول الإمساك بالملف اللبناني من بوابة الاقتصاد والطاقة والدعم الإنساني.

كما يحمل المؤتمر الأول لدعم الجيش اللبناني بعداً رمزياً يتصل بالتحولات الأمنية التي يعيشها البلد، في ظل التحديات الداخلية والحدودية، بينما يعكس المؤتمر الثاني المتعلق بالإعمار محاولة لإعادة ضخ المساعدات الدولية ضمن إطار منظم تحت إشراف فرنسي، بعدما تراجعت الثقة بالسلطات المحلية في إدارة التمويل الدولي.

وتكشف الإشارة في رسالة ماكرون إلى “القرارات الشجاعة” الخاصة بحصرية السلاح بيد الدولة عن موقف فرنسي واضح من مسألة السلاح غير الشرعي، ما يعني أن باريس ستربط دعمها العسكري والاقتصادي بمسار تعزيز سيادة الدولة ومؤسساتها الرسمية.

يُتوقع أن تسعى فرنسا عبر المؤتمرين إلى جمع شركاء غربيين وعرب للمساهمة في دعم لبنان، مع ضمان أن تكون هي المنسق الرئيسي لهذه العملية، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة بعد سنوات من التراجع النسبي.
وتبقى فاعلية هذه التحركات مرهونة بقدرة الطبقة السياسية اللبنانية على تقديم ضمانات إصلاحية، إذ يدرك ماكرون أن الدعم الدولي لا يمكن أن يتكرس في ظل استمرار الانقسام الداخلي وغياب الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي وصندوق النقد.

وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتراجع الخدمات العامة وتنامي الضغوط الأمنية والاجتماعية، تبدو رسالة ماكرون بمثابة إشارة لعودة فرنسا إلى لعب دور الوسيط الداعم، ولكن بشروط جديدة هذه المرة، توازن بين الحرص على السيادة اللبنانية ومتطلبات الاستقرار الإقليمي الذي ترى باريس أنه لا يمكن فصله عن مستقبل لبنان. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8