تشهد بلدتا تلعران وتل حاصل بريف حلب الجنوبي حالة من التوتر والقلق على خلفية حملات مداهمة واعتقال تنفذها قوات "الأمن العام" منذ أيام، وسط تباين في الروايات بين ما يقوله الأهالي وما تؤكده الجهات الأمنية عن دوافع هذه التحركات.
وبحسب مصادر محلية، داهمت إحدى الدوريات قبل أيام منزل أحد الشبان في بلدة تلعران لمحاولة توقيفه بتهمة إطلاق النار بشكل غير قانوني. وخلال المداهمة، أصيب والد الشاب بأزمة قلبية مفاجئة أدت إلى وفاته، ما أثار استياءً واسعاً بين السكان، واعتبره بعضهم نتيجة "طريقة التنفيذ القاسية" التي رافقت العملية.
في المقابل، لم تصدر الجهات الأمنية بياناً رسمياً حول الحادثة، لكن مصادر مقربة من "الأمن العام" أشارت إلى أن الحملة تأتي في إطار "ملاحقة مطلوبين للقضاء وضبط السلاح المنتشر بشكل غير قانوني"، مؤكدة أن عمليات التوقيف تتم وفق الإجراءات الأمنية المعتادة، وأن "أي تجاوزات فردية يتم التحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها إن ثبتت".
اتهامات وتخوفات
من جانب آخر، يعبّر عدد من الأهالي عن مخاوف متزايدة من استمرار المداهمات العشوائية، مشيرين إلى أن بعض الاعتقالات تطال شباناً "لأسباب غير واضحة"، مثل الاشتباه بالتواصل مع أطراف مرتبطة بالإدارة الذاتية، أو حتى على خلفية نشاطات اجتماعية وثقافية لا تتجاوز الاستماع لأغانٍ كردية أو المشاركة في تجمعات شبابية.
ويرى بعض وجهاء المنطقة أن الطريقة التي تُدار بها العمليات الأمنية قد تخلق توتراً اجتماعياً غير ضروري، خصوصاً في المناطق ذات التنوع العرقي بين العرب والأكراد، داعين إلى اعتماد آليات أكثر شفافية وتواصلاً مع المجتمع المحلي لتجنب أي سوء فهم أو تصعيد غير مقصود.
هجرة وهواجس أمنية
تسببت هذه الأوضاع – وفق روايات محلية – في دفع عدد من الشبان إلى مغادرة المنطقة نحو لبنان خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة للبحث عن أمان واستقرار بعيداً عن الملاحقات.
وفي المقابل، يرى آخرون أن التشدد الأمني جاء نتيجة مطالبات شعبية سابقة للحد من الفوضى وانتشار السلاح، خصوصاً بعد تسجيل حوادث إطلاق نار متكررة ونزاعات عشائرية خلال العام الماضي.
بين الأمن والاستقرار
تتقاطع آراء السكان حول تقييم الوضع الراهن؛ فبينما يعتبر البعض أن الإجراءات الحالية ضرورية لحفظ الأمن، يرى آخرون أن الطريقة في التنفيذ تثير الخوف والاحتقان، مطالبين بإيجاد توازن بين الحزم الأمني واحترام حقوق الأفراد.
ويؤكد متابعون أن مستقبل الاستقرار في المنطقة يعتمد على قدرة الأجهزة الأمنية على بناء الثقة مع الأهالي، من خلال آليات شفافة في الاعتقال والتحقيق، ومحاسبة أي عناصر يثبت تجاوزهم، مع ضرورة إشراك وجهاء العشائر والمجالس المحلية في دعم الأمن المجتمعي.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، تبقى بلدتا تلعران وتل حاصل تحت مجهر المراقبة، بانتظار ما إذا كانت الحملة الأمنية ستنتهي بعودة الهدوء، أم ستفتح الباب أمام مزيد من التوترات في ريف حلب الجنوبي.