أثار ظهور اسم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على إحدى مآذن الجامع الأموي بدمشق موجة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول صورة التقطها أحد المواطنين وهو يحاول تصوير المئذنة. الصورة أثارت التساؤلات حول دور إدارة الجامع في معالجة ما وصفه البعض بـ"التشويه البصري" لمعالم هذا الصرح التاريخي العريق.
وتباينت ردود فعل السوريين بين استغراب من استمرار تكرار اسماء عائلة الأسد في مختلف الأماكن العامة والتاريخية، وانتقاد لمحاولات ترسيخ صورة "سوريا الأسد" في أذهان الناس على مر العقود. ورأى بعض الناشطين أن هذه الممارسات تجاوزت حدود الرمزية لتصل إلى رموز دينية وثقافية، مثل الجامع الأموي الذي يعد من أبرز معالم دمشق والعالم الإسلامي.
ردًا على الجدل، نشرت إدارة الجامع الأموي بيانًا رسميًا عبر صفحتها على فيسبوك، أكدت فيه التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي والديني للمسجد، مع التأكيد على أنه ليس مجرد مكان للعبادة، بل شاهد على تاريخ وهوية الأمة الإسلامية.
وتضمن البيان نقطتين رئيسيتين:
إزالة التعديات: ستعمل إدارة المسجد على إزالة أي تعديات على المكان أو محيطه لضمان سلامته والحفاظ على جماله التاريخي.
معالجة التشوهات البصرية: سيتم تنفيذ مشاريع ترميم وصيانة تراعي الطابع التاريخي والمعماري للمسجد، مع الاستعانة بالخبراء في المجال لضمان الحفاظ على أصالة المكان.
كما دعت الإدارة جميع المواطنين إلى التعاون في جهود الحفاظ على الجامع ومحيطه، والمساهمة في نشر الوعي حول مكانته الثقافية والدينية، مؤكدة أن دعمهم سيكون له أثر كبير في حماية هذا المعلم للأجيال القادمة.
الجدير بالذكر أن هذه الحوادث ليست الأولى من نوعها، إذ بادر السوريون بعد هروب بشار الأسد إلى إزالة اسمه واسم والده من المؤسسات الحكومية والشوارع، بما في ذلك جدار الجامع الأموي، في خطوة تعكس رغبة واسعة في استعادة الرمزية التاريخية المستقلة للمكان بعيدًا عن سياسات العائلة الحاكمة.
وتبرز هذه الواقعة تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على الإرث التاريخي والديني للمسجد، في ظل بروز آثار سياسية لا تتعلق به، مع تعزيز وعي الجمهور حول أهمية حماية المعالم الثقافية. ويرى خبراء أن مثل هذه الأحداث تعكس الصراع بين التاريخ والسياسة، وكيف يمكن لسياسات الحكم أن تترك بصماتها على رموز حضارية تجاوزت الزمن، لتصبح نقطة جدل بين المواطنين والإدارة الرسمية.