السجون اللبنانية: أزمة إنسانية تتفاقم بصمت

2025.10.11 - 05:31
Facebook Share
طباعة

عاد ملف السجون اللبنانية إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الأصوات المطالبة بمعالجة الأوضاع المأساوية داخل سجن رومية وسائر السجون، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الحلول الجذرية.
فقد أطلق عدد من السجناء في التاسع من تشرين الأول 2025 بياناً حذّروا فيه من "كارثة إنسانية" تهدد حياتهم، نتيجة انعدام الغذاء والدواء، وتأخر المحاكمات لسنوات طويلة، ما شكّل صدمة للرأي العام ودفع نواباً وحقوقيين إلى المطالبة بتدخل عاجل.

في هذا السياق، شدد النائب وليد البعريني في بيان على ضرورة معالجة الملف بسرعة، واصفاً ما يجري بأنه "إخفاق وطني وإنساني"، وداعياً إلى خطوات فورية تضع حداً لمعاناة السجناء، من خلال تسريع المحاكمات، وتشكيل لجنة وطنية عليا تضم ممثلين عن السلطات القضائية والحقوقية والأمنية، لوضع خطة إصلاح شاملة.

ويعكس هذا التحرك، وفق مراقبين، إدراكاً متزايداً لخطورة الواقع القائم في السجون اللبنانية، التي تعاني من اكتظاظ يفوق طاقتها الاستيعابية، وتدهور في البنية التحتية والخدمات الصحية، إضافة إلى غياب العدالة السريعة، ما يجعل السجون أشبه بمراكز احتجاز مفتوحة بلا أفق قانوني.

ويرى خبراء قانونيون أن الأزمة لا تقتصر على الجوانب الإنسانية فحسب، وانما تمسّ أيضاً صورة لبنان كدولة قانون أمام المجتمع الدولي، في ظل تقارير متكررة عن انتهاكات لحقوق الموقوفين وعدم توافق ظروف الاحتجاز مع المعايير الدولية، كما أن معالجة هذا الملف تتطلب توازناً بين حفظ الأمن ومراعاة حقوق الإنسان، ضمن إصلاحات قضائية وتشريعية جذرية.

ويشير محللون إلى أن تحريك الملف في هذا التوقيت قد يكون مؤشراً على تحوّل تدريجي في المقاربة الرسمية، إذ باتت الأوضاع داخل السجون تشكل عبئاً أمنياً واجتماعياً متزايداً، خصوصاً مع تراجع قدرة الدولة على تأمين الخدمات الأساسية. كما أن الدعوات النيابية الأخيرة، ومنها موقف البعريني، تعبّر عن محاولة لإعادة الاعتبار لمبدأ العدالة المتوازنة، بما يمنع السجون من التحول إلى بؤر انفجار اجتماعي.

في المحصلة، يفتح هذا النقاش الباب أمام سؤال جوهري: هل تبادر الدولة فعلاً إلى معالجة الملف قبل أن يتحول إلى أزمة وطنية مفتوحة، أم يستمر الإهمال الذي حوّل السجون إلى مرآة للأزمات السياسية والمؤسساتية في لبنان؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1