من غزة إلى الجنوب.. تحذيرات لبنانية من حرب تُحضّر في الظل

أماني إبراهيم

2025.10.11 - 02:37
Facebook Share
طباعة

مع تزايد التوتر في الأجواء اللبنانية عقب توقيع اتفاق وقف الحرب في غزة، تتصاعد التحذيرات في بيروت من أن الجنوب اللبناني قد يكون على موعد مع مرحلة جديدة من التصعيد العسكري الإسرائيلي، في ظل مؤشرات ميدانية وسياسية تنذر بأن ما بعد اتفاق غزة لن يكون كما قبله.

وفي هذا السياق، حذّر النائب اللبناني غسان سكاف من أن "الوضع في لبنان غير مريح"، مشيرًا إلى أن ما يجري على الحدود الجنوبية يوحي بوجود تحضيرات إسرائيلية لعمل عسكري جديد. وأوضح سكاف أن كثافة الطلعات الجوية للمسيّرات الإسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية خلال الأيام الأخيرة "تدل على أن تل أبيب تراقب وتستعد"، مؤكداً أن اتفاق غزة "ترك حزب الله وحيدًا سياسيًا وعسكريًا"، في إشارة إلى عزلة الحزب بعد انتهاء العمليات العسكرية في القطاع.

وقال سكاف في تصريحات إعلامية:
"اتفاق غزة ترك حزب الله من دون غطاء سياسي أو شعبي واسع، وفي أي مفاوضات مقبلة سيكون أمام الحزب خيار صعب، إذ عليه أن يتعامل مع واقع جديد عنوانه الحل الغزاوي، أي وقف السلاح مقابل ضمانات سياسية وأمنية".

 

وأضاف أن المطلوب اليوم من الحزب "الانتقال من مرحلة إسناد غزة إلى مرحلة إسناد الحل في غزة"، معتبرًا أن أي تجاهل لهذا التحول الإقليمي قد يضع لبنان في مواجهة مفتوحة لا طائل منها.

 

 

من جانبه، دان الرئيس اللبناني جوزيف عون الغارات الإسرائيلية التي استهدفت فجر السبت مواقع في جنوب لبنان، وأدت إلى مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين في هجمات وصفت بأنها الأعنف منذ أسابيع، طالت منشآت مدنية ومعارض لآليات ثقيلة.

وقال عون في بيان رسمي:
"الجنوب اللبناني يقع مرة أخرى تحت النار الإسرائيلية ضد منشآت مدنية بلا حجة ولا ذريعة، ما يشكّل انتهاكًا جديدًا لسيادة لبنان وللقوانين الدولية".

 

وأشار الرئيس اللبناني إلى أن خطورة العدوان الأخير تكمن في توقيته "إذ يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة وموافقة الطرف الفلسطيني على ما تضمّنه الاتفاق من آلية لاحتواء السلاح وجعله خارج الخدمة"، معتبراً أن ذلك "قد يشير إلى محاولة إسرائيلية لتوسيع مساحة الاشتباك وفرض معادلات جديدة على لبنان".

 

 


تتزامن هذه التطورات مع نقاش داخلي محتدم في لبنان حول ما إذا كان اتفاق غزة – الذي تضمن للمرة الأولى بندًا يتعلق بإدارة السلاح في القطاع تحت إشراف دولي – قد يشكّل نموذجًا يمكن أن يُطرح لاحقًا على ملف الجنوب اللبناني.


وبينما تل أبيب تحاول استثمار الهدوء النسبي في غزة لتصفية حساباتها على الجبهة الشمالية، حزب الله يواجه الآن اختبارًا سياسيًا صعبًا بعد أن وجد نفسه "في الميدان من دون غطاء إقليمي واضح"، خصوصًا في ظل انشغال طهران بترتيب أولوياتها بعد الاتفاق.

ويشير خبراء إلى أن التبدلات الإقليمية بعد الحرب في غزة قد تدفع لبنان إلى مرحلة حساسة، إذ لم يعد الخطاب الداخلي موحدًا حول دور الحزب في الصراع مع إسرائيل، بينما تسعى الحكومة اللبنانية لتفادي الانجرار إلى مواجهة شاملة.

 

 

يبدو أن اتفاق غزة لم ينهِ الحرب بقدر ما أعاد رسم خريطتها. فبينما تنعم غزة بالهدوء، يتحول الجنوب اللبناني إلى ساحة ضغط جديدة، مع تصاعد رسائل التهديد المتبادلة بين تل أبيب و"حزب الله".
وفي ظل غياب توافق داخلي لبناني، وتزايد التوتر الإقليمي، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة: من تصعيد محدود إلى حرب أوسع قد تفرض نفسها على لبنان الذي يجد نفسه – مرة أخرى – بين معادلات الآخرين.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8