يعود كثير من السوريين إلى قراهم بعد سنوات من النزوح، إلا أن عودتهم تحمل مخاطر غير مسبوقة نتيجة تركيز الألغام والعبوات الناسفة في المناطق الزراعية والسكنية،فكما أوردت صحيفة فاينانشال تايمز، فإن العديد من العائلات تعاني من فقدان أبنائها بسبب انفجار متفجرات مهجورة، مما يعكس خطورة الوضع الإنساني في مرحلة ما بعد النزاع.
حجم الخطر المتفجر:
الحوادث الأخيرة في محافظة دير الزور، وبشكل خاص قرية المريعية، تظهر أن المتفجرات المزروعة منذ الحرب لم تُزال بعد، وتسببت في وفاة وإصابة العشرات، بينهم أطفال، ويشير التقرير إلى أن خطوط الجبهة المتغيرة خلال الحرب، بين مقاتلي تنظيم الدولة، والقوات الكردية، ونظام الأسد، تركت البلاد مزروعة بالألغام والقنابل العنقودية، كما أن بعض الترسانات العسكرية بقيت بلا حراسة بعد انسحاب الأطراف المتقاتلة.
جهود إزالة الألغام والمعوقات:
تسعى الحكومة السورية عبر وزارة الدفاع إلى إزالة المتفجرات، إلا أن بطء العمليات ونقص المعدات والتدريب يعيق الإنجاز، كما تقول عائدة بورنيت-كارجيل، منسقة أعمال إزالة الألغام في سوريا، إن حجم المشكلة هائل ويحتاج لعقود لمعالجته وتضيف المنظمات الإنسانية أن عدد الضحايا المسجل رسميًا (551 قتيلًا بينهم 155 طفلاً منذ كانون الأول الماضي) قد يكون أقل بكثير من الواقع الفعلي، في ظل نقص البيانات الحكومية.
عودة النازحين والضغط على المجتمع:
مع تخفيض المساعدات الدولية، عاد أكثر من مليون وسبعمئة ألف نازح إلى سوريا منذ كانون الأول، وفق الأمم المتحدة، مما يزيد من خطر التعرض للألغام. هذه العودة الواسعة تضغط على المجتمعات المحلية وتضاعف الحاجة لجهود إزالة المتفجرات لضمان سلامة السكان وتمكين إعادة الإعمار.
تطوع الأهالي لتعويض البطء الرسمي:
في ظل نقص الإمكانيات، لجأ بعض الأهالي إلى إزالة الألغام بأنفسهم، كما حصل مع عائلة أبو دباك، الذي حاول نزع المتفجرات بالاعتماد على مقاطع تعليمية على الإنترنت، لكنه قتل في حادث أثناء القيام بذلك، هذا يبين حجم التحدي الكبير الذي يواجه السوريين، بين الرغبة في العودة إلى أرضهم وبين المخاطر الحقيقية التي تهدد حياتهم.
يبقى الوضع الإنساني في سوريا هشًا، رغم محاولات العودة، إذ إن استمرار تلوث الأراضي بالألغام والعبوات الناسفة يعيق عملية إعادة الإعمار ويعرض حياة السكان للخطر، الحل يحتاج إلى تدخل منظم، تمويل دولي، وإشراف خبراء لإزالة هذه المتفجرات قبل أن تتحول العودة إلى مأساة جديدة.