داخل الغرف السرّية للمفاوضات.. أسرار الليلة التي وُلد فيها اتفاق غزة

2025.10.09 - 04:56
Facebook Share
طباعة

في تطور وُصف بأنه الأهم منذ اندلاع الحرب في غزة عام 2023، توصلت إسرائيل وحركة «حماس» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية مصرية وأميركية، وبضمانات مكتوبة شملت أطرافاً إقليمية ودولية، في مقدمتها تركيا وقطر.

وجاء الإعلان عن الاتفاق بعد مفاوضات شاقة استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، وسط تكتم شديد على التفاصيل الدقيقة، قبل أن يُعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر منصته «تروث سوشيال» التوصل إلى «المرحلة الأولى من خطة السلام» التي تتضمن الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين وانسحاب القوات الإسرائيلية من عمق قطاع غزة.

ضمانات مكتوبة ووساطة متعددة الأطراف

أكدت وسائل الإعلام الفللسطينية عن مصادر أن الفصائل المشاركة في المفاوضات، وعلى رأسها حركة «حماس»، حصلت على ضمانات مكتوبة من واشنطن والوسطاء، تنص على التزام الولايات المتحدة بمنع إسرائيل من استئناف الحرب، وعلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم كلاً من:

مصر، وقطر، وتركيا، والولايات المتحدة، ووفدين من «حماس» وإسرائيل، لمتابعة التنفيذ وضمان منع أي احتكاك ميداني قد يفجّر الأوضاع من جديد.

المصادر الفلسطينية أشارت إلى أن الوفد الإسرائيلي كان يجري اتصالات مكثفة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل إقرار كل بند من بنود الاتفاق، فيما تمسّك الوفد الفلسطيني بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من عمق المناطق السكنية داخل القطاع كشرط أساسي للمرحلة الأولى.

الانسحاب من العمق السكني وتعديل مسار القوات

وفقاً للمصادر، فقد جرى الاتفاق على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من المناطق الأكثر كثافة سكانية، ولا سيما في خان يونس وأجزاء من رفح، على أن يُستكمل الانسحاب لاحقاً بعد الانتهاء من تسليم الرهائن والمفقودين.

خريطة أولية نشرها البيت الأبيض أظهرت خطوط الانسحاب، التي وُصفت بأنها «مرحلية ومشروطة بالالتزام المتبادل بوقف النار الكامل».

خلافات حول قوائم الأسرى

أحد أكثر الملفات حساسية في المفاوضات كان ملف الأسرى الفلسطينيين، إذ قدّم وفد «حماس» قائمة بأسماء أسرى طالبت بالإفراج عنهم، إضافة إلى تسليم جثامين قيادات وعناصر من الحركة تحتجزها إسرائيل منذ سنوات.

لكن المفاوضات تعثرت بسبب فيتو إسرائيلي على الإفراج عن نحو 20 أسيراً تعتبرهم تل أبيب متورطين مباشرة في عملية «طوفان الأقصى» في أكتوبر 2023، إلى جانب رفضها تسليم جثامين قادة كبار بينهم يحيى السنوار وشقيقه محمد السنوار.

وأكدت المصادر أن الخلاف حول الأسماء كان السبب الرئيس في تأجيل الإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، الذي كان مقرراً عند الساعة الثانية عشرة ظهر الخميس.

حل وسط لملف الجثامين

تحت ضغط الوسطاء، وافقت «حماس» على حل وسط يقضي بمشاركة فرق دولية من مصر والولايات المتحدة وتركيا في البحث عن جثامين المختطفين الإسرائيليين الذين فُقدوا تحت أنقاض المنازل والأنفاق بعد القصف الإسرائيلي المكثف.

ووفقاً للمصادر، فإن بعض الجثث دُفنت أو تحللت، ما يتطلب عمليات فحص وتدقيق بإشراف خبراء دوليين.

المساعدات الإنسانية تدخل تدريجياً

تتضمن المرحلة الأولى من الاتفاق زيادة ضخ المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر المعابر البرية المفتوحة، بواقع 400 شاحنة يومياً في الأسبوع الأول، ترتفع إلى 800 شاحنة لاحقاً، تشمل المواد الغذائية والطبية والوقود.

وسيجري إدخال المساعدات من عدة معابر، بينها كرم أبو سالم ورفح، بإشراف دولي لضمان توزيعها العادل ووصولها إلى جميع المناطق المتضررة.

المرحلة الثانية: مستقبل غزة وسلاح الفصائل

تتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق التي ستُبحث بعد انتهاء الأعياد اليهودية، ملفات أكثر تعقيداً، تشمل مستقبل حكم «حماس» للقطاع، وترتيبات ما بعد الحرب، وقضية سلاح الفصائل الفلسطينية.

وقالت مصادر من الحركة إن «حماس ستتعامل بإيجابية في إطار اتفاق وطني شامل»، داعيةً مصر إلى رعاية حوار فلسطيني - فلسطيني يضم جميع الفصائل بما فيها «فتح» لبحث ترتيبات الحكم وإعادة الإعمار.

اتفاق شرم الشيخ يُعدّ حتى الآن أول اختراق حقيقي في جدار الحرب الدامية التي دخلت عامها الثالث على قطاع غزة، لكن الخلافات حول الأسرى ومستقبل حكم «حماس» تبقي الباب مفتوحاً أمام هشاشة الاتفاق وإمكانية انهياره في حال عدم التزام الأطراف ببنوده.

وبينما يعتبره البعض خطوة نحو «سلام مستدام» كما وصفه ترمب، يرى آخرون أنه هدنة مؤقتة تُعيد ترتيب الأوراق تمهيداً لجولة تفاوض جديدة أكثر تعقيداً. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10