الغرب يفتح بوابة الدعم السياسي لصفقة ترامب.. تفاؤل مشروط وقلق من انتكاس التسوية في غزة

2025.10.09 - 10:32
Facebook Share
طباعة

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موافقة كلٍّ من إسرائيل وحركة "حماس" على المرحلة الأولى من خطته لوقف الحرب في غزة، ردود فعل غربية متلاحقة اتسمت بقدر من الترحيب الممزوج بالحذر، إذ اعتبرته العواصم الأوروبية والغربية "اختراقًا سياسيًا كبيرًا"، لكنه لا يزال بحاجة إلى "تنفيذ سريع وشفاف" لضمان ألا يتحوّل إلى هدنة مؤقتة سرعان ما تنهار.

 


تفاؤل أوروبي: “اختراق حقيقي” لكن التنفيذ هو الاختبار

رحبت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس بالاتفاق، ووصفت في منشور لها على منصة “إكس” الخطة بأنها “اختراق كبير وفرصة حقيقية لإنهاء الحرب المدمرة والإفراج عن جميع الرهائن”.
وأكدت كالاس أن الاتحاد الأوروبي سيبذل كل ما بوسعه لدعم تنفيذ خطة ترامب، داعية إلى التزام جميع الأطراف ببنودها “دون أي تأخير أو انتقائية”.

لكن مصادر دبلوماسية في بروكسل تحدثت لوسائل إعلام أوروبية عن قلق حقيقي من احتمال أن “يُفرّغ الاتفاق من مضمونه السياسي” إذا لم يتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا لإعادة إعمار غزة وإطلاق عملية سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

 


لندن: ارتياح مشوب بالحذر وعودة للدبلوماسية الكلاسيكية

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاتفاق “لحظة ارتياح عميقة سيتم الشعور بها في جميع أنحاء العالم”، مشيدًا بالدور الأمريكي والمصري والقطري والتركي في دفع المفاوضات إلى الأمام.
غير أن ستارمر شدد على أن “الاختبار الحقيقي يبدأ الآن”، مؤكدًا أن على الأطراف “تنفيذ الاتفاق بالكامل ودون تأخير، ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة فورًا”.

وأشار إلى أن بلاده ستدعم المرحلة المقبلة من المحادثات، “لتثبيت وقف النار وبناء الأسس لحل دائم يقوم على العدالة والاستقرار”.
ويُفهم من تصريحات ستارمر أن بريطانيا تسعى لاستعادة دورها الدبلوماسي التقليدي في إدارة ملفات الشرق الأوسط عبر بوابة “السلام الأمريكي”، ولكن بشروط أوروبية أكثر تحفظًا.

 


أستراليا: دعم للخطة وتحذير من عودة “حماس” إلى الحكم

أما رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز فقد وصف الاتفاق بأنه “خطوة ضرورية للغاية نحو السلام”، مؤكدًا شكره لترامب والدول الوسيطة، وعلى رأسها مصر وقطر وتركيا.
وفي لهجة لافتة، أبدى ألبانيز دعم بلاده القوي لما سماه “التزام الخطة بحرمان حماس من أي دور في الحكم المستقبلي لغزة”، في إشارة إلى اتجاهات غربية لتغيير شكل إدارة القطاع بعد الحرب.

وأضاف أن “الطريق إلى التعافي في غزة طويل وشاق، ولا يمكن أن يتحقق دون سلام دائم وبناء الدولة الفلسطينية”، مشيرًا إلى استمرار الدعم الأسترالي للمسار الدولي نحو حل الدولتين.

 


نيوزيلندا: “الخطوة الأولى نحو إنهاء المعاناة”

وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز عبّر عن موقف بلاده بكلمات إنسانية قبل أن تكون سياسية، قائلًا إن “الإسرائيليين والفلسطينيين عانوا كثيرًا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، واليوم هو خطوة أولى إيجابية نحو إنهاء هذه المعاناة”.
وأكد بيترز أن على الطرفين الوفاء بوعودهما، مشددًا على ضرورة إطلاق جميع الرهائن وسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه، باعتبارها “الركيزة الأساسية لبناء سلام دائم”.

 


خطة ترامب: سلام تكتيكي أم إعادة رسم لمعادلة غزة؟

تتضمن المرحلة الأولى من الخطة — بحسب ما أعلن ترامب — الإفراج عن جميع الرهائن وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها داخل القطاع، تمهيدًا لبدء مرحلة ثانية تشمل ترتيبات أمنية وسياسية بإشراف أمريكي ودولي.
ويرى محللون أن القبول المتزامن من إسرائيل وحماس يعكس ضغطًا دوليًا كثيفًا أكثر مما يعكس توافقًا حقيقيًا بين الطرفين، خاصة أن الخطة تتجاهل حتى الآن مسألة “من يحكم غزة بعد الحرب”.

ويعتقد مراقبون أن واشنطن تحاول فرض صفقة سياسية مركّبة: وقف الحرب مقابل إعادة هيكلة الحكم في غزة ضمن إطار أوسع لإحياء مسار الدولة الفلسطينية، مع إشراف دولي محتمل على الإعمار.

 


المشهد الراهن يعكس لحظة انتقالية في الصراع، حيث يحاول الغرب تحويل “الهدنة” إلى منصة لاستعادة النفوذ السياسي في المنطقة، فيما تبقى القاهرة وقطر وتركيا في قلب الترتيبات الميدانية والإنسانية.
لكن جوهر الأزمة لم يُحسم بعد: السيادة الفلسطينية، وإعادة إعمار غزة، وضمان عدم تجدد الحرب.
فبين تفاؤل الدبلوماسيين وتصريحات الزعماء، لا تزال الأرض هناك تنزف، في انتظار أن تتحول الخطة من اتفاق ورقي إلى سلامٍ فعلي يعيشه الفلسطينيون على أرضهم.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2