في تطور جديد لملف النزوح السوري في لبنان، شهدت مدينة طرابلس شمال البلاد صباح اليوم الخميس انطلاق المرحلة الرابعة من القوافل المنظمة لعودة النازحين السوريين إلى وطنهم، ضمن خطة تشرف عليها المديرية العامة للأمن العام اللبناني بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية.
عودة منظمة.. وتسهيلات شاملة
انطلقت القافلة باتجاه معبر العريضة الحدودي، وضمت عشرات العائلات السورية التي أنهت استعداداتها للعودة، بعد استكمال الإجراءات الإدارية واللوجستية التي وفّرها الجانب اللبناني لتسهيل انتقالهم بسلاسة.
وأكدت مصادر رسمية أن المرحلة الرابعة تأتي استمراراً للخطوات السابقة ضمن خطة العودة الطوعية والمنظمة، وتشمل إعفاء المغادرين من الرسوم المستحقة، مع تقديم الدعم الطبي والإنساني وتأمين وسائل النقل والإقامة المؤقتة حتى عبور الحدود.
تتم العملية بإشراف مباشر من الأمن العام اللبناني وبالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) والمنظمة الدولية للهجرة (IOM) والصليب الأحمر اللبناني، إلى جانب عدد من الجمعيات الإنسانية، لضمان تنفيذ العودة وفق المعايير الدولية للسلامة والكرامة الإنسانية.
ويقول مسؤولون لبنانيون إن الهدف هو تشجيع العودة الطوعية الآمنة وتخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يتحملها لبنان منذ أكثر من 12 عاماً بسبب أزمة النزوح.
تأتي هذه الخطوة في إطار خطة حكومية شاملة لإعادة النازحين، كانت قد انطلقت منذ عام 2022 بمراحل تدريجية، شملت حتى الآن آلاف السوريين من مناطق مختلفة في البقاع والشمال.
وتؤكد السلطات اللبنانية أن العودة تجري بالتنسيق مع الجانب السوري الذي يضمن استقبال العائدين وتسهيل اندماجهم مجدداً في بلداتهم، بينما يواصل لبنان مطالبة المجتمع الدولي بدعم جهود العودة بدل الاكتفاء بالمساعدات داخل الأراضي اللبنانية.
بين الموقف اللبناني والتحفظات الدولية
ورغم الترحيب اللبناني الواسع بهذه الخطوات، ما زالت المنظمات الحقوقية الدولية تبدي تحفظاً على بعض الجوانب المتعلقة بـ"ضمان الأمان" داخل سوريا، مشددة على ضرورة تقييم الظروف الأمنية والاقتصادية قبل أي عملية عودة واسعة.
في المقابل، ترى الحكومة اللبنانية أن استمرار بقاء أكثر من مليون نازح يشكل عبئاً لا يمكن تحمله على الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات العامة، وأن العودة التدريجية والمنظمة هي الحل الواقعي الوحيد.
خطوة نحو حل معقد
تمثل هذه المرحلة الجديدة نقطة تحول رمزية في مسار معالجة أزمة النزوح السوري، إذ تؤشر إلى تزايد التنسيق بين بيروت ودمشق واستعداد الطرفين لإعادة بناء الثقة عبر خطوات عملية.
غير أن الطريق إلى حل شامل ومستدام لا يزال طويلاً، في ظل غياب توافق دولي حول شروط العودة، واستمرار الجدل بين الاعتبارات الإنسانية والضغوط السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان.