في خضم الجمود السياسي والأمني الذي يعيشه لبنان، تحاول بريطانيا ملء الفراغ الدبلوماسي في البلاد، مستغلة غياب الدور الفرنسي وتعطّل المساعي الأمريكية في الملف اللبناني، وفق مصادر مطلعة. ويشير المصدر ذاته لصحيفة "الأخبار" إلى أن التحرك البريطاني لا يهدف إلى حماية لبنان أو استقراره، بل إلى خدمة محور محدد يصفه مراقبون بأنه يصب مباشرة في مصلحة إسرائيل.
ووفق المعلومات المتوفرة، تقوم خطة لندن على تكليف أحد خبرائها بإجراء حوار مباشر مع "حزب الله"، في محاولة لإقناعه بالتخلي عن سلاحه والانخراط الكامل في مؤسسات الدولة اللبنانية. ويشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة ليست إلا واجهة لتحركات استخباراتية تهدف إلى الضغط على المقاومة اللبنانية، وإعادة صياغة المعادلة الأمنية والسياسية بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
ويتصدر جوناثان باول قائمة المرشحين لتولي هذه الوساطة، وهو شخصية بريطانية شغلت مناصب رسمية عدة، وقاد مؤسسة وساطة دولية لها خبرة في ملفات معقدة، أبرزها ليبيا. وتعرف المؤسسة التي يقودها باول بأدوارها ذات الطابع الاستخباراتي، وقد تعاملت سابقاً مع جماعات تُصنّف عادة بأنها "متمردة" أو "إرهابية"، ما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء محاولات التدخل في لبنان.
ويأتي هذا التحرك في وقت يرفض فيه "حزب الله" أي خطوات مباشرة مع إسرائيل، وهو ما يضع لندن أمام تحديات كبرى، ويكشف مدى الفجوة بين الخطاب البريطاني الرسمي والأهداف الحقيقية المعلنة وراء الوساطة. ويؤكد خبراء أن هذه المبادرة لا تعكس سوى محاولة لفرض شروط خارجية على الداخل اللبناني، وإضعاف أي مقاومة شعبية أو مؤسساتية يمكن أن تتصدى للهيمنة الإقليمية والخارجية.
في ظل هذه التحركات، يبقى لبنان محاصرًا سياسياً وأمنياً، وسط محاولات متكررة من القوى الخارجية لاستغلال أي ثغرة للضغط على المقاومة، وإعادة فرض معادلات تخدم مصالح إسرائيل، على حساب سيادة الدولة اللبنانية واستقرار شعبها.