زار المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برَّاك شمال شرقي البلاد، برفقة قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، وذلك في وقت تصاعدت فيه الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السوري في مناطق محددة من شمال وشرق سوريا.
مباحثات مع قيادة قسد
أوضح برَّاك أن زيارته هدفت إلى إجراء محادثات مباشرة مع قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، واصفاً اللقاء بأنه كان جوهرياً ومثمراً. وأشار إلى أن النقاشات تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية الولايات المتحدة لتعزيز السلام والاستقرار في سوريا، من خلال تمكين السوريين من توحيد جهودهم بما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار المشترك.
وأشار المبعوث الأميركي إلى أن الزيارة تأتي ضمن جهود واشنطن لمتابعة تطورات الوضع الميداني والسياسي في شمال وشرق سوريا، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين الأطراف المختلفة على الأرض.
تصاعد التوترات العسكرية
جاءت زيارة برَّاك بعد أن أفادت تقارير بسلسلة اشتباكات بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية في مناطق ريف حلب الشرقي، ولا سيما في منطقة دير حافر، حيث أغلقت قسد جميع المعابر التي تربط ضفتي نهر الفرات في دير الزور.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مساحات واسعة من شمال وشرق سوريا، وقد تحالفت في السنوات الأخيرة مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة تنظيم "داعش"، مع الحفاظ على بعض المؤسسات الإدارية والاقتصادية تحت سيطرتها، بما في ذلك حقول نفط ومعابر حدودية ومرافق استراتيجية.
اتفاق قسد مع الحكومة السورية
في مارس الماضي، وقعت قوات سوريا الديمقراطية اتفاقاً للانضمام إلى مؤسسات الدولة الجديدة، وتسليم معابر حدودية رئيسية وحقول نفط ومطار إلى الحكومة السورية. وكان من المتوقع أن يبدأ تنفيذ الاتفاق بحلول نهاية العام، إلا أن تصريحات للرئيس السوري أحمد الشرع في الشهر الماضي أشارت إلى وجود تأخيرات في تطبيق بنود الاتفاق، نتيجة اختلاف التقديرات حول توقيت التسليم والتنسيق بين الأطراف المعنية.
ويُنظر إلى هذه الاتفاقية كخطوة مهمة لتعزيز التعاون بين الحكومة السورية وقسد، رغم استمرار التوترات على الأرض، بما في ذلك الخلافات حول السيطرة على الموارد الاستراتيجية والمناطق الحدودية.
الأهمية الاستراتيجية للمنطقة
يحتل شمال وشرق سوريا أهمية استراتيجية كبيرة، نظراً لموقعه الجغرافي وحجم الموارد الطبيعية فيه، إضافة إلى الأهمية العسكرية والأمنية للمعابر والنقاط الحدودية. ويعمل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، على متابعة التطورات في هذه المناطق عن كثب، لضمان تحقيق الاستقرار ومنع تصعيد النزاع بين الأطراف المتصارعة.
وتسعى الولايات المتحدة إلى دفع الأطراف المختلفة نحو حلول تفاوضية وتسهيل التفاهم بين الحكومة السورية وقسد، بما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي وتقليل فرص ظهور خلايا إرهابية جديدة بعد القضاء على تنظيم "داعش".
خلاصة الوضع
زيارة المبعوث الأميركي توم برَّاك وقائد القيادة المركزية براد كوبر تمثل خطوة رمزية وعملية في الوقت ذاته، تهدف إلى مراقبة التطورات الميدانية وتشجيع الحوار بين الحكومة السورية وقسد. في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات بين الطرفين، يبقى التركيز على تنفيذ الاتفاقيات السابقة وتخفيف التوتر العسكري أحد التحديات الكبرى لتحقيق الاستقرار في شمال وشرق سوريا.
ويتابع المراقبون عن كثب نتائج هذه الزيارة، ومدى تأثيرها على تقدم اتفاقية التعاون بين قسد والحكومة السورية، بما قد يمهد الطريق أمام خطوات سياسية وعسكرية تهدف إلى تعزيز الأمن وتسهيل العودة التدريجية للسلطات الرسمية في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد.