تصاعد التوتر بين موظفي المصارف وإداراتها في لبنان

رامي عازار

2025.10.07 - 10:42
Facebook Share
طباعة

 
يشهد القطاع المصرفي اللبناني حالة من التوتر المتصاعد بين إدارات المصارف وموظفيها، بعد سلسلة تحركات احتجاجية بدأت تطفو على السطح مع تنفيذ موظفي “الاعتماد اللبناني” إضراباً تحذيرياً داخل المقر الرئيسي للمصرف، في خطوة عكست حجم الاحتقان المتراكم بسبب الخلافات حول الأجور والعقد الجماعي.


وتأتي هذه التحركات في ظل ما يعتبره الموظفون “تعنّتاً” من قبل إدارات المصارف، التي يرفض عدد منها التجاوب مع مطالب العاملين بتحسين الرواتب وتثبيت حقوقهم في إطار عقد العمل الجماعي المنظم للقطاع المصرفي. ويشير مراقبون إلى أنّ الخلافات القائمة بين نقابة موظفي المصارف وجمعية المصارف، والتي تخضع منذ أشهر لوساطة وزارة العمل، لم تُسفر حتى الآن عن أي نتائج ملموسة.


وساطة متعثّرة وجلسات بلا نتائج
تخضع العلاقة بين الطرفين لآلية وساطة رسمية تشرف عليها وزارة العمل، التي ترعى جلسات تفاوض تهدف إلى تجديد العقد الجماعي وتعديل بنوده بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية الراهنة. ومع ذلك، لم تحقق الجلسات السابقة أي تقدم يُذكر.
وتشير معلومات من أوساط مطلعة إلى أن ممثلي جمعية المصارف لم يشاركوا بشكل مباشر في معظم الجلسات، حيث أوكلوا مهمة الحضور إلى محامي الجمعية، ما اعتبرته النقابة دليلاً على عدم جدية في التفاوض.

وفي المقابل، تصرّ وزارة العمل على ضرورة حضور ممثلين عن المصارف أنفسهم في الجلسات المقبلة، لضمان حوار فعّال بين الجانبين. وتم تحديد موعد جديد للوساطة في الحادي والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وسط شكوك حول إمكانية تحقيق اختراق حقيقي في المفاوضات.


خلاف على التمثيل ومطالب بتثبيت الحقوق
في الجلسة الأخيرة، حاولت نقابة موظفي المصارف معالجة الذرائع القانونية التي تعيق التفاوض، خصوصاً ما يتعلق بادعاءات بعدم تمثيل النقابة لجميع العاملين في القطاع. وقدّمت النقابة للوزارة تواقيع نحو 3500 موظف تؤكد أنها الممثل الشرعي لهم.
وبحسب مصادر نقابية، فإن المماطلة المستمرة من قبل المصارف في مناقشة بنود العقد الجماعي تضع المفاوضات في طريق مسدود، الأمر الذي قد يدفع الموظفين إلى خطوات تصعيدية “على الأرض”، في حال استمرار غياب الحلول.


تحركات ميدانية وغضب من تفاوت الأجور
على الصعيد العملي، نفذ موظفو “الاعتماد اللبناني” تحركاً احتجاجياً داخل المقر الرئيسي للمصرف، للتعبير عن رفضهم لسياسات الأجور التي يرونها “مجحفة”. وأكد المشاركون في التحرك أن رواتب العديد من العاملين في الفروع لا تزال متدنية مقارنة بالمناصب الإدارية العليا، حيث تتسع الفجوة بين ما يتقاضاه الموظف العادي وما يحصل عليه المديرون وأعضاء مجالس الإدارة.
كما شكا موظفون من غياب سلّم وظيفي واضح، ومن ضعف آليات التقييم والترقية، معتبرين أن هذه الممارسات تزيد من الشعور بعدم العدالة داخل المؤسسات المصرفية.


قلق من تغييب العقد الجماعي
يرى موظفون في القطاع أن الهدف الأساسي لبعض إدارات المصارف هو إلغاء العقد الجماعي، ما من شأنه أن يتيح للإدارات التحكم بظروف العمل والأجور دون ضوابط واضحة.
وفي هذا السياق، أشار موظفون إلى أن عدداً من المصارف لجأ إلى توظيف العاملين الجدد تحت مسمى “عقود تدريب” قصيرة الأجل، تُجدّد بشكل متكرر قد يمتد لسنوات، ما يحرم هؤلاء من أي استقرار وظيفي أو ضمانات اجتماعية.
ويؤكد عاملون في أحد المصارف الكبرى أن المتدربين يتقاضون مبالغ رمزية لا تتجاوز بدل النقل اليومي في الأشهر الأولى، قبل أن يتحولوا إلى عقود منخفضة الأجر تُدفع بالليرة اللبنانية، بقيمة تقل عن 500 دولار شهرياً.


مطالب النقابة وتحسين شروط العمل
في ضوء ذلك، تطالب نقابة موظفي المصارف بتحديد حدٍّ أدنى للأجور في القطاع، بحيث لا يقل عن 500 دولار شهرياً لحملة الإجازات الجامعية، و800 دولار للعاملين ذوي الخبرة. كما تدعو إلى تعديل منحة التعليم التي تراجعت قيمتها منذ عام 2019، بحيث تغطي 70% من القسط المدرسي كما كانت سابقاً، أو تُحدد بمبالغ ثابتة تتراوح بين 300 و2500 دولار حسب نوع المؤسسة التعليمية.

وتشدد النقابة كذلك على ضرورة تحسين التغطية الصحية والاستشفائية، عبر مساهمة أكبر من المصارف في فروقات المعاينات الطبية وخدمات الصندوق التعاضدي، إضافة إلى التصريح للأجر الفعلي لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.


ترقب وحذر قبل الجولة المقبلة
مع اقتراب موعد جلسة الوساطة الجديدة، يسود جو من الترقب بين الموظفين، الذين يؤكدون أن صبرهم بدأ ينفد في ظل غياب أي بوادر إيجابية.
وفي المقابل، تلتزم إدارات المصارف الصمت حيال التحركات الأخيرة، بينما تتكثف الدعوات النقابية إلى حلّ سريع يحفظ حقوق العاملين ويضمن استقرار القطاع المصرفي الذي يعاني أصلاً من تبعات الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عام 2019.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6