شركة بالانتير بين التكنولوجيا والحروب

2025.10.05 - 09:45
Facebook Share
طباعة

 أثارت شركة "بالانتير"، المتخصصة في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعًا على المستوى الدولي بسبب علاقتها بالاحتلال الإسرائيلي واستخدام تقنياتها في النزاع في قطاع غزة. وتظهر الشركة في تقارير دولية وأممية ضمن قائمة تضم 15 شركة تتورط في دعم أنشطة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما وصفه ناشطون على منصات التواصل بأنها "شركة تكنولوجيا تجسس أميركية ضخمة تخدم أجندات سياسية محددة".

وسجلات هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية تشير إلى أن "بالانتير" حصلت مؤخرًا على عقد بقيمة 30 مليون دولار لتطوير منصة تتبع تحركات المهاجرين وإنشاء قاعدة بيانات لتسريع عمليات الترحيل داخل الولايات المتحدة. كما ارتفعت القيمة السوقية للشركة بعد عقودها مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والجيش الأميركي، حيث تجاوزت أرباحها وإيراداتها توقعات وول ستريت في الربع الثاني من 2025.

تأسست "بالانتير" على يد بيتر ثيل وألكسندر كارب وثلاثة شركاء آخرين بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وارتبطت منذ بداياتها بأدوات المراقبة وتحليل البيانات التي طورت لتعويض العمل اليدوي الذي كان يقوم به ضباط المخابرات الأميركية. ويعرف بيتر ثيل، رئيس مجلس إدارة الشركة، بأنه ملياردير ألماني أميركي، مشارك في تأسيس "باي بال" و"فيسبوك"، وله نفوذ سياسي واسع، فيما يشغل ألكسندر كارب منصب الرئيس التنفيذي للشركة ويعتبر من بين أغنى 300 شخص حول العالم بثروة صافية تقدّر بنحو 12 مليار دولار.

وخلال السنوات الأخيرة، حصلت الشركة على عقود ضخمة مع الجيش الأميركي، تبلغ قيمتها نحو 10 مليارات دولار على مدار العقد المقبل، لتعزيز قدرات الجيش في جمع وتحليل البيانات واستخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، بما يشمل النزاعات الدولية مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات مع الصين وتايوان.

ويعتمد برنامج الذكاء الاصطناعي الذي تنتجه الشركة على جمع المعلومات الشخصية والرسمية للأفراد من مصادر متعددة، بما فيها المكالمات الهاتفية، الضمان الصحي، بيانات الجامعات، الشرطة، ومخالفات المرور، للتنبؤ بسلوك الأشخاص. وقد باع البرنامج إلى عدة دول، من بينها إسرائيل، واستخدم في عمليات مراقبة تستهدف مسؤولين وسياسيين وشخصيات عامة حول العالم.

وعلى صعيد النزاع في غزة، كشف الرئيس التنفيذي للشركة ألكسندر كارب عن دعم الشركة للعمليات الإسرائيلية، مؤكدًا أن بالانتير قدمت تكنولوجيا المراقبة والذكاء الاصطناعي لتحليل لقطات الطائرات المسيرة وتحديد مواقع الأهداف، بما يشمل المنازل والمركبات المتحركة. وقد خصصت الشركة نحو 180 وظيفة لخريجي الجامعات اليهود، في إطار استراتيجيتها التوظيفية المرتبطة بدعم أنشطة الاحتلال.

ورغم العقود الواسعة والإقبال الكبير على منتجاتها، واجهت الشركة مقاطعة من بعض المستثمرين، مثل ستوربراند النرويجية التي انسحبت من الاستثمار بسبب دعم بالانتير للأنشطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، معتبرة أن منتجات الشركة تشمل أنظمة مراقبة وتنبؤ تستخدم في اعتقال الفلسطينيين دون محاكمة.

وقد سلطت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز الضوء على دور بالانتير ضمن ما أسمته "اقتصاد الإبادة"، معتبرة أن استمرار الشركة في دعم الاحتلال الإسرائيلي رغم الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان يرقى إلى تواطؤ محتمل في جرائم دولية.

تثير شركة "بالانتير" تساؤلات واسعة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات العسكرية والسياسية، وما إذا كان يمكن أن تتحول أدوات التحليل الرقمي إلى أدوات للإضرار بالمدنيين، خصوصًا في مناطق النزاع مثل قطاع غزة، حيث تتشابك المصالح الاقتصادية والتكنولوجية مع القضايا الإنسانية والسياسية الحساسة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6