جريتا ثونبرج الناشطة التي كسرت صمت العالم فحاول الاحتلال كسرها في الصحراء

2025.10.04 - 11:22
Facebook Share
طباعة

في تطورٍ صادمٍ للرأي العام العالمي، احتجزت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج، عقب مشاركتها في أسطول الصمود الذي أبحر الخميس الماضي نحو غزة، في محاولة رمزية لكسر الحصار.
نُقلت ثونبرج مع عدد من النشطاء الدوليين إلى سجن كتسيعوت (أنصار 3) في صحراء النقب، أحد أكثر السجون الإسرائيلية تشديدًا من حيث الإجراءات الأمنية وسوء السمعة الحقوقية، ليعود هذا المعتقل مجددًا إلى الواجهة كرمزٍ لسياسة الإذلال والانتقام التي تنتهجها المؤسسة الإسرائيلية ضد الأسرى والمحتجزين.

 


يقع سجن كتسيعوت في عمق صحراء النقب، وهو منشأة عسكرية ضخمة بُنيت لاحتجاز الفلسطينيين منذ الانتفاضة الأولى، ثم توسع لاحقًا ليصبح أكبر السجون الأمنية الإسرائيلية. وتشير تقارير حقوقية إلى أنه في عام 1990م كان واحد من كل خمسين رجلًا فلسطينيًا بالغًا قد مرّ عبر هذا السجن، وهو رقمٌ كفيلٌ بعكس حجم القمع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل تحت غطاء “الأمن”.

اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود، تتكرر الصورة لكن مع فارقٍ لافت؛ فالمعتقلة هذه المرة ليست فلسطينية ولا عربية، بل أشهر ناشطة بيئية في العالم وواحدة من رموز الحركات الشبابية في أوروبا.
بحسب ما نقلته مصادر دبلوماسية سويدية، فإن ثونبرج تتعرض داخل السجن لـ"معاملة قاسية وغير إنسانية"، إذ تُمنع عنها المياه الكافية، ويُقدَّم لها طعام لا يتجاوز كيسًا صغيرًا من رقائق البطاطس، ولا يُسمح لها بالاستحمام أو استخدام المرافق الصحية بصورة طبيعية.
كما تشير شهادات إلى تعرضها للإهانة اللفظية والمنع من النوم، وإجبارها على النوم على أسطح صلبة مليئة بالحشرات، في محاولات متعمدة للنيل من عزيمتها وكسر إرادتها.

ذروة الانتهاك جاءت عندما أُجبرت جريتا على التقاط صور وهي ترفع علم الكيان الإسرائيلي، في مشهدٍ وصفه مراقبون بأنه “استعراض دعائي فاشي” يهدف إلى إذلالها وإرسال رسالةٍ رمزيةٍ مفادها أن “الاحتلال قادر على إخضاع أي صوت معارض”.

 


قد يبدو هذا السلوك للوهلة الأولى مجرد تصرفٍ انتقاميٍّ من أفرادٍ متطرفين، لكنه في الواقع يعكس بنيةً عقائديةً مؤسسية.
فمشاهد إذلال الأسرى الفلسطينيين لم تكن عشوائية، بل كانت دائمًا جزءًا من منظومةٍ رسميةٍ متعمدة.
في فبراير الماضي مثلاً، بثت وسائل إعلام إسرائيلية صورًا لأسرى فلسطينيين أُجبروا على ارتداء قمصانٍ تحمل شعارات مثل “لن ننسى ولن نغفر”، كما كُتبت العبارات نفسها على جدران المعسكرات.
ولاحقًا، ظهرت نفس الجمل في الزنزانة التي احتُجز فيها الطبيب حسام أبو صفية، ما أكد أن هذه ليست تصرفات فردية بل سياسة موحدة أقرّها الوزير المتطرف المسؤول عن ملف السجون.

الظاهرة تمتد جذورها إلى ممارساتٍ قديمة تشبه المحاكمات المشهدية في أوروبا القرون الوسطى، حيث كان يُساق المتهم إلى الجماهير ليُهان قبل تنفيذ الحكم. واليوم، تُعاد تلك الطقوس في نسخةٍ “عصرية” داخل كيانٍ يصف نفسه بأنه “واحة الديمقراطية” في الشرق الأوسط.

 


إن واقعة احتجاز جريتا ثونبرج وما رافقها من إذلالٍ متعمد تمثل لحظة انكشافٍ أمام الرأي العام الغربي، إذ لأول مرة يجد ملايين الأوروبيين أنفسهم أمام مشهدٍ صريحٍ يفضح ما يجري خلف جدران السجون الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
فإذا كانت ناشطة أوروبية معروفة لم تسلم من القسوة والإهانة، فكيف هو حال الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين المجهولين الذين لا تغطي وسائل الإعلام قصصهم ولا تصل إليهم بعثات السفارات؟

إن سجن كتسيعوت لم يعد مجرد مكانٍ للاحتجاز، بل رمزٌ متجددٌ للفكر الفاشي الذي يحوّل التعذيب والإذلال إلى عقيدةٍ رسمية، تمامًا كما فعلت الأنظمة الشمولية عبر التاريخ حين أرادت أن تبني قوتها على إذلال الآخر.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8