هل ينجح العراق في حصر السلاح بيد الدولة؟

2025.10.04 - 11:07
Facebook Share
طباعة

تؤكد تصريحات رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مجددًا على محورين أساسيين يختص بهما المشهد السياسي العراقي الحالي: حصر السلاح بيد الدولة وتعزيز دور المؤسسات الأمنية، وتحميل الكتل السياسية مسؤولياتها في الإصلاح السياسي والمؤسساتي. هذه التوجهات ليست مجرد شعارات انتخابية أو تصريحات عابرة، بل تمثل نقاط ضغط أساسية لفهم ديناميكيات السلطة في العراق اليوم.

حصر السلاح بيد الدولة يعد خطوة حيوية لإعادة فرض هيبة الدولة وتأكيد سيادة القانون، خصوصًا في بلد شهد على مدى سنوات طويلة انتشار فصائل مسلحة خارج إطار الدولة، وهو ما أضعف قدرة المؤسسات الأمنية على فرض النظام وحماية المدنيين. الموقف الذي يطرحه المالكي يأتي في سياق الحاجة إلى ترسيخ الاستقرار قبل الانتخابات، في وقت ما زالت فيه الأجواء الأمنية والسياسية متوترة، ما يجعل هذه الدعوة مؤشرًا على وعيه بالضرورة الملحة لتقليص التوترات وضمان بيئة انتخابية سليمة.

في الوقت نفسه، يدعو المالكي الكتل السياسية إلى تحمل مسؤولياتها الإصلاحية، وهو موقف يعكس إدراكًا بأن نجاح العملية السياسية مرتبط بقدرتها على تجاوز الانقسامات الطائفية والمناطقية التي أعاقت مؤسسات الدولة على مدى السنوات الماضية. هذه الدعوة تحمل بعدًا استراتيجيًا، إذ تشير إلى أن المشاركة السياسية الواسعة ليست مجرد واجب مدني، بل عنصر أساسي في إعادة بناء الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، ومؤشرًا على التزام النخب السياسية بالمساءلة والشفافية.

مع ذلك، فإن تصريحاته تواجه تحديات حقيقية على صعيد الممارسة العملية. فترة حكمه السابقة، وخصوصًا أحداث سقوط الموصل بيد تنظيم "داعش"، والانتقادات المتصلة بالفساد داخل المؤسسة العسكرية، تضع هذه الدعوات في سياق مزدوج: فهي من جهة تعكس رؤية واضحة نحو إصلاح الدولة وضبط السلاح، ومن جهة أخرى تذكّر بضرورة تجاوز الأخطاء السابقة وتعزيز الرقابة على الأجهزة التنفيذية لضمان عدم تكرار فشل سابق.

يرى مراقبون أن حديث المالكي ليس مجرد موقف سياسي روتيني، بل رسالة مزدوجة: أولًا للداخل العراقي بضرورة الالتزام بالإصلاح والمساءلة، وثانيًا للجهات الدولية بأن العراق يسعى لإعادة بناء مؤسساته الأمنية والسياسية بشكل يعزز الاستقرار. في هذا الإطار، حصر السلاح بيد الدولة وتحمل الكتل السياسية لمسؤولياتها الإصلاحية يمثلان معًا شرطًا أساسيًا لأي عملية انتخابية ناجحة ولإعادة ثقة المواطنين بالدولة، وهو ما سيحدد قدرة العراق على تجاوز الأزمات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10