كيف كشف تحقيق الضمان شبكات الفساد في مكاتب بتغرين؟

2025.10.04 - 07:15
Facebook Share
طباعة

تجدد النقاش حول دور الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد الكشف عن واحدة من أكبر قضايا التلاعب المالي التي ضربت مكتبه في بتغرين، فبعدما تقدمت مضمونة بشكوى في 28 آب 2025 ادّعت فيها أن معاملات صحية سُجّلت باسمها من دون علمها، سارع المدير العام للصندوق د. محمد كركي إلى تكليف مديرية التفتيش الإداري بفتح تحقيق فوري، تلاه إقفال المكتب لمدة أسبوع.

التحقيقات الأولية كشفت عن شبكة واسعة من المستخدمين داخل المكتب ومتواطئين خارجه، تعمل على تركيب فواتير صحية وهمية بأسماء المضمونين للاستيلاء على أموال التقديمات. وبناءً على النتائج، ادّعى الصندوق أمام النيابة العامة المالية على المحاسبة ليلى عبد النور وآخرين بجرائم التزوير والاختلاس، كما أوقف جميع المستخدمين عن العمل ومنعهم من السفر.

لكن كركي لم يقف عند هذا الحد. فإلى جانب إحالة الملف إلى القضاء، أصدر تعميمًا يقضي بتحويل معاملات المضمونين إلى مكتب برج حمود منعًا لتوقف مصالح الناس، ووجّه بتعزيز الرقابة في مختلف مكاتب الضمان. وفي 30 أيلول، أعلنت المديرية العامة للضمان عن نتائج توسع التحقيقات، والتي أظهرت تورط رئيسة المركز ليليان الصايغ وعدد من أقربائها ومضمونين آخرين في الاستفادة غير المشروع من التقديمات، ليتم الادعاء عليهم مجددًا.

أهمية هذه القضية تكمن في الرسائل التي تحملها: أولاً، أن الرقابة لم تعد شكلية بل أصبحت أداة مباشرة لكشف التجاوزات حتى في المراتب العليا، بما أن التحقيقات طالت رؤساء مكاتب ودوائر. ثانيًا، أن إدارة الضمان لا تريد الاكتفاء بعقوبات إدارية بل تعمل على استرداد الأموال المنهوبة عبر القضاء. وثالثًا، أن الشكاوى الفردية من المواطنين لم تعد تُهمل، يمكن أن تتحوّل إلى مدخل لتحقيقات موسعة تكشف شبكات فساد.

كركي شدّد في ختام بيانه على أن القضية لن تُقفل قبل الوصول إلى كامل الحقيقة، مؤكدًا أن "الفساد الإداري يحصل عندما تكون الإدارة متواطئة أو متسترة، لا عندما تكون العين الساهرة التي تكشف وتحاسب". وهو بذلك يرسل إشارة مزدوجة: تطمين للمضمونين بأن حقوقهم محمية، وتحذير صارم لكل مستخدم أو متعامل مع الصندوق بأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7