تعود لغة التصعيد مجددًا بين طهران وخصومها الغربيين والإقليميين، بعدما حذّرت صحيفة كيهان الإيرانية، المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، من أن احتمال تجدد المواجهة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، "محتمل للغاية". التحذير يعكس ليس فقط تقديرات سياسية داخلية، بل أيضًا قراءة إيرانية للتطورات التي أعقبت حرب الاثني عشر يومًا الأخيرة، وما اعتبرته طهران "صفعة" وجهتها للجبهة المقابلة.
في افتتاحيتها الصادرة اليوم السبت، أكدت الصحيفة أن العقل والخبرة والدروس المستخلصة من المواجهات الأخيرة في المنطقة، إضافة إلى فهم "عقيدة بن غوريون" الإسرائيلية، تجعل الحديث عن مواجهة جديدة أمرًا لا يمكن استبعاده.
واستشهدت الصحيفة بتصريحات أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، الذي كتب عبر منصة X أن "من يظن أن القضية مع إيران قد انتهت فهو مخطئ ويضلل الآخرين"، مؤكدًا أن طهران "تطور قدراتها الدفاعية والعسكرية يوميًا، وقد استأنفت الأنشطة في مواقعها النووية، ما يوحي بأنها تخطط لمفاجأة استراتيجية لإسرائيل".
وبحسب كيهان، هناك عدة أسباب تجعل المواجهة وشيكة:
تداعيات حرب الاثني عشر يومًا التي اعتبرتها إيران لحظة فارقة في مواجهة المحور الأمريكي – الإسرائيلي.
محاولة استغلال الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في إيران كوسيلة لاختراق الجبهة الداخلية، على غرار ما حدث في سوريا.
الضغط الاقتصادي عبر العقوبات والتلاعب بأسعار الدولار والذهب والسلع الأساسية، باعتباره امتدادًا للحرب غير المباشرة.
الصحيفة ربطت بين الأزمة الاقتصادية الداخلية و"حرب العقوبات"، معتبرة أن الضغوط على معيشة الإيرانيين ليست مجرد تداعيات اقتصادية، بل جزء من استراتيجية موجهة لإضعاف الوحدة الوطنية.
كيهان ذهبت أبعد من التحذيرات التقليدية، معتبرة أن العالم "على أعتاب نقطة تحول تاريخية"، وأن أي مواجهة جديدة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، ستكون لها "عواقب تتجاوز حدود المنطقة"، خصوصًا في ظل التوترات المتصاعدة في غزة ولبنان والعراق واليمن.
من منظور إيراني، فإن إسرائيل والولايات المتحدة فشلتا في تحقيق أهدافهما عبر الضغوط الداخلية، وهو ما يجعل المواجهة العسكرية المباشرة احتمالًا قائمًا، خاصة إذا استمرت طهران في تطوير قدراتها النووية والصاروخية.
يأتي هذا التصعيد الإعلامي وسط حالة من عدم اليقين الدولي حول مستقبل الملف النووي الإيراني، مع استمرار توقف المفاوضات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، وتزايد التقارير الغربية عن رفع مستويات تخصيب اليورانيوم.
وفي الوقت نفسه، تشهد المنطقة سلسلة من الاشتباكات غير المباشرة بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، عبر ساحات متعددة مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان.
بينما تحاول إيران تصوير المواجهة كحتمية تفرضها "الهيمنة الأمريكية – الإسرائيلية"، فإن التحذيرات الصادرة عن كيهان تعكس أيضًا خطابًا داخليًا يستهدف تعبئة الرأي العام وتبرير الأزمات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تراكم المؤشرات العسكرية والاقتصادية والسياسية يضع المنطقة فعلًا أمام سيناريو محفوف بالمخاطر، حيث قد تتحول حرب الظل الطويلة بين طهران وخصومها إلى مواجهة مباشرة قد تعيد رسم معادلات الشرق الأوسط وربما العالم.