عودة النازحين السوريين.. بين خطة الحكومة اللبنانية وضغوط الداخل والخارج

2025.10.02 - 01:00
Facebook Share
طباعة

شهد معبر المصنع – جديدة يابوس الحدودي صباح الخميس تنفيذ المرحلة الثالثة من خطة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وسط إجراءات لوجستية وأمنية شارك فيها الأمن العام اللبناني، وبالتنسيق مع السلطات السورية ومنظمات دولية مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR والمنظمة الدولية للهجرة IOM، إضافة إلى الصليب الأحمر اللبناني.

ورغم الطابع الرسمي لهذه الخطوة، فإنها تثير نقاشًا متجددًا في الداخل اللبناني حول مستقبل ملف النزوح السوري الذي تجاوز عقدًا من الزمن، وأصبح عبئًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا متشعب الأبعاد.

انطلقت قوافل العائدين عند ساعات الصباح الأولى من معبر المصنع، حيث أشرف الأمن العام اللبناني على تنظيم حركة العائدين بعد تسجيل أسمائهم مسبقًا.

السلطات السورية نسّقت مع الجانب اللبناني لتأمين مناطق الاستقبال، فيما تولّت منظمات إنسانية متابعة الحالات الأكثر هشاشة مثل الأطفال والنساء وكبار السن.

هذه المرحلة تأتي استكمالًا للمرحلتين السابقتين اللتين بدأتا في يوليو الماضي، وتستهدفان إعادة أعداد متزايدة بشكل تدريجي.

وأعلنت الحكومة اللبنانية في يونيو الماضي عن خطة جديدة لعودة النازحين السوريين، تعتمد على:

1. التسجيل المسبق: حيث يسجّل النازحون أسماءهم عبر الأمن العام اللبناني.

2. النقل المنظّم: عبر حافلات تؤمَّن بالتنسيق مع دمشق.

3. العودة غير المنظمة: وهي متاحة لمن يرغب بالمغادرة الفردية عبر المعابر الرسمية على نفقته الخاصة.

وتهدف الخطة إلى التخفيف من أعداد اللاجئين، الذين يقدَّر عددهم بـ1.8 مليون في لبنان، بينهم نحو 880 ألفًا مسجّلون رسميًا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

التعقيدات الداخلية اللبنانية

الانقسام السياسي: بعض القوى اللبنانية ترى في العودة المنظمة ضرورة وطنية لحماية الاقتصاد والأمن، فيما تحذر قوى أخرى من أن الظروف داخل سوريا لا تزال غير آمنة.

البعد الاقتصادي: يشير المسؤولون إلى أن تكلفة استضافة اللاجئين تُقدَّر بمليارات الدولارات سنويًا، وهو ما يشكل عبئًا على الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم.

التوتر المجتمعي: تزايد التداخل بين المجتمعين اللبناني والسوري خلق أزمات متفرعة، من سوق العمل إلى المنافسة على الموارد المحدودة.

الموقف السوري والدولي

سوريا: دمشق ترحب بخطوات العودة وتؤكد أنها ستؤمّن الخدمات للعائدين، لكنها تتهم بعض الأطراف الدولية بعرقلة العودة عبر تخويف اللاجئين ومنع التمويل لإعادة الإعمار.

الأمم المتحدة: المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تدعو لضمان أن تكون العودة طوعية وآمنة وكريمة، مؤكدة أن الظروف الأمنية والمعيشية في سوريا ما زالت هشة في بعض المناطق.

المانحون الغربيون: يربطون المساعدات للبنان بضمان حقوق اللاجئين وعدم إعادتهم قسرًا، ما يضع بيروت في موقع صعب بين متطلبات الداخل وضغوط الخارج.

ملف النازحين لا يُقرأ فقط في سياق لبناني–سوري، بل يتجاوز ذلك إلى:

ورقة ضغط سياسية: تستخدمها بعض القوى الإقليمية في مفاوضاتها مع الغرب.

الأمن الإقليمي: المخاوف من تحوّل بعض التجمعات الكبيرة للنازحين إلى بيئة للتوتر أو استغلالها من قبل جماعات متطرفة.

الهجرة إلى أوروبا: المجتمع الدولي يخشى من أن يؤدي التضييق على اللاجئين في لبنان إلى موجات جديدة من الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط.

مع انطلاق المرحلة الثالثة من خطة العودة، يبدو أن لبنان يحاول الموازنة بين حاجاته الداخلية وضغوط المجتمع الدولي، في وقت يظل فيه مستقبل مئات آلاف السوريين معلّقًا بين خيار العودة إلى بلد يعاني من تداعيات الحرب والعقوبات، وخيار البقاء في بلد مضيف يرزح تحت أزمات اقتصادية خانقة.

المرحلة المقبلة ستكشف إن كانت هذه الخطة قادرة على إحداث تغيير ملموس، أم أنها ستظل مجرد خطوات رمزية في ملف أكثر تعقيدًا من أن يُحل بخطة أحادية الجانب. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 5