لبنان يطلب من سوريا كشف أسرار «اغتيالات نظام الأسد»

2025.10.02 - 12:28
Facebook Share
طباعة

في خطوة رسمية تحمل أبعادًا سياسية وقضائية حساسة، طلب لبنان من سوريا معلومات حول الاغتيالات التي طالت قيادات سياسية ودينية وعسكرية وأمنية وإعلامية لبنانية خلال العقود الماضية، والتي يُشتبه بتورط النظام السوري السابق في ارتكابها. جاء هذا الطلب على هامش اجتماع اللجنة القضائية اللبنانية – السورية، الذي انعقد في بيروت أمس، في إطار متابعة ملف العدالة والحقوق اللبنانية.

أفاد مسؤول لبناني مطلع، رفض الكشف عن هويته، أن الوفد اللبناني قام بتسليم نظيره السوري قائمة بالضحايا الذين جرى اغتيالهم في ظل هيمنة نظام الأسد، منذ اندلاع النفوذ السوري المكثف في لبنان، وحتى الآن. وتشمل هذه القائمة القيادات الدرزية والسياسية والدينية، وصولاً إلى شخصيات أكاديمية وإعلامية مثل الباحث لقمان سليم، الذي اغتيل في ظروف غامضة.

وأشار المسؤول إلى أن الوفد اللبناني طلب تزويده بجميع الوثائق والمعلومات والأدلة المتوفرة لدى الدولة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، التي قد تساعد في كشف الملابسات الحقيقية للاغتيالات ومعرفة المسؤولين عنها. وأضاف أن الجانب السوري أبدى تجاوبًا أوليًا مع هذا الطلب، مؤكدًا حرصه على التعاون القضائي بين البلدين.

عُقد الاجتماع الثاني للجنة اللبنانية – السورية في بيروت، وتركز على قضايا قانونية حساسة تشمل:

1. ملف السجناء السوريين في لبنان: دراسة وضعهم القانوني والإجراءات الخاصة بالإفراج أو النقل إلى سوريا.

2. قضية المفقودين اللبنانيين في السجون السورية: محاولة توثيق حالات الاختفاء القسري خلال سنوات النفوذ السوري في لبنان.

3. إعادة النازحين اللبنانيين إلى بلادهم: بحث سبل تسهيل عودتهم في ظروف آمنة، ضمن إطار القانون الدولي.

4. مسودة اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين: تم التطرق إلى البنود الأولى لتأسيس آلية قانونية رسمية تتيح تبادل المعلومات والتحقيق في القضايا المشتركة.

تحركات لبنان تأتي في ظل إعادة تقييم العلاقة مع سوريا بعد تغييرات سياسية داخل النظام السوري، وتولي الرئيس أحمد الشرع زمام الأمور في البلاد. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود لبنانية لكشف الحقائق التاريخية وضمان حقوق الضحايا وعائلاتهم، في وقت يتزايد فيه الضغط الداخلي من المجتمع المدني ووسائل الإعلام على الحكومة لمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات.

ومن الملفت أن القائمة اللبنانية التي تضم شخصيات بارزة، مثل الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، تعكس حساسية الملف وتأثيره على الاستقرار السياسي الداخلي، إذ أن التحقيق في هذه القضايا قد يفتح ملفات تاريخية شائكة، ويعيد النقاش حول النفوذ السوري في لبنان خلال العقود الماضية.

في ضوء تجاوب الجانب السوري، من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تبادلاً موسعًا للوثائق والمعلومات بين البلدين، مع إمكانية استدعاء مسؤولين سوريين سابقين أو شهود لمساعدة التحقيقات اللبنانية. كما يمكن أن تمهد هذه الخطوة لإبرام اتفاق تعاون قضائي رسمي يضمن تبادل المعلومات القانونية في المستقبل، ويتيح معالجة ملفات السجناء والمفقودين بشكل منهجي وقانوني.

لكن المراقبين يشيرون إلى أن التحدي الأكبر سيظل في تطبيق ما يتم الاتفاق عليه عمليًا، لا سيما في ما يتعلق بالوثائق السرية التي يحتفظ بها النظام السوري السابق، والتي قد تحتوي على معلومات حساسة عن عمليات الاغتيال والأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية التي نفذتها.

تحرك لبنان رسميًا لمطالبة سوريا بكشف المعلومات حول اغتيالات النظام السوري السابق يمثل خطوة تاريخية في سعي الدولة اللبنانية لاستعادة حقوق ضحايا الاغتيالات والمفقودين. كما يعكس رغبة واضحة في إعادة ضبط العلاقات القضائية بين البلدين ضمن إطار شفاف ومسؤول، مع استمرار الضغوط الشعبية والسياسية الداخلية لضمان محاسبة المسؤولين التاريخيين عن هذه الأحداث. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2