شهدت مناطق الإدارة الذاتية خلال شهر أيلول الماضي تصاعداً لافتاً في حالات الاقتتال العشائرية والمشاجرات المسلحة، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص بينهم طفلة، وإصابة سبعة آخرين. وتأتي هذه الحوادث في ظل توترات متنامية بين العشائر والعائلات، وانتشار السلاح الخفيف والثقيل، وتراجع القدرة الأمنية للسلطات المحلية، ما يزيد من هشاشة الوضع ويفاقم معاناة المدنيين.
وتشير المعطيات إلى وقوع ثمانية اقتتالات رئيسية، توزعت بين محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، كان أبرزها:
الرقة: اقتتالان أوقعا قتيلًا واحدًا وثلاثة جرحى.
دير الزور: خمسة حالات اقتتال أودت بحياة أربعة أشخاص بينهم طفلة، وأصابت ثلاثة آخرين.
الحسكة: اقتتال واحد أسفر عن مقتل أربعة رجال وإصابة شخص.
أبرز الحوادث
في 2 أيلول، اندلعت مشاجرة في حي المسحر بمدينة الطبقة بين عشيرتين محليتين، تطورت سريعاً إلى تبادل إطلاق نار، ما أسفر عن مقتل شاب وإحراق عدد من المنازل على يد ذوي القتيل.
في 3 أيلول، شهدت بلدة الطيانة في ريف دير الزور الشرقي اقتتالاً بين عائلتين، أدى إلى مقتل طفلة. وفي 5 أيلول، أودى اشتباك مسلح بين أبناء عمومة في بلدة غرانيج بحياة شخص آخر.
في 6 أيلول، أُصيب ثلاثة أشخاص بجروح متفاوتة في بلدة المنصورة غربي الرقة خلال اقتتال عشائري لعائلة "البوخميس"، استخدمت فيه أسلحة نارية لأسباب مجهولة.
أما في 7 أيلول، اندلعت مواجهات في منطقة العزبة شمال دير الزور بين عائلتين من عشيرة واحدة على خلفية خلاف حول استثمار آبار نفط. تطورت المواجهات إلى إحراق بئر نفطي، ما أسفر عن مقتل مدني وسقوط جرحى من الطرفين.
وفي 9 أيلول، شهدت بلدة النمليّة مواجهة بين "فخذ البرغوث" و"آل الدهش" على خلفية قضية ثأر قديمة، أدت إلى مقتل شاب.
وفي 24 أيلول، شهدت بلدة تل حميس بريف الحسكة اشتباكات مسلحة عنيفة بين عائلتين، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخر بجروح خطيرة. وأخيرًا، في 27 أيلول، اندلعت اشتباكات في بلدة ذيبان دون تسجيل أي إصابات، نتيجة خلافات سابقة بين عائلتين.
أسباب وتداعيات التصعيد
تتعدد العوامل التي تقف وراء هذا التصاعد في حالات الاقتتال العشائرية، بينها النزاعات على الموارد مثل النفط والمياه، وقضايا الثأر القديمة، والتنافس على النفوذ المحلي. ويؤكد مراقبون أنّ ضعف التواجد الأمني وغياب آليات ضبط فعّالة يسهمان في تصاعد العنف، حيث تتحول أي خلافات بسيطة إلى مواجهات مسلحة تتسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة.
ويشير خبراء إلى أن انتشار السلاح بين المدنيين يزيد احتمالية تحول أي نزاع شخصي أو عائلي إلى اقتتال واسع، ما يعزز حالة عدم الاستقرار في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية. ويعتبر الأطفال من أكثر الفئات المتضررة، إذ تتزايد مخاطر تعرضهم للأذى سواء بشكل مباشر خلال الاشتباكات أو نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية والخدمات الأساسية.
الأثر على المجتمع المحلي
تترك حالات الاقتتال العشائرية أثراً واسع النطاق على المجتمع المحلي، فهي لا تؤدي فقط إلى خسائر في الأرواح والممتلكات، بل تعمّق الانقسامات بين العائلات وتزيد من الشعور بعدم الأمان، ما ينعكس على حركة الأسواق والتعليم والخدمات الصحية. كما أنها تعيق أي جهود لإعادة بناء مؤسسات الأمن وإرساء حكم القانون في هذه المناطق.
وبينما تحاول بعض المجالس المحلية التوسط للحد من العنف، يبقى التحدي الأكبر في فرض سلطة القانون على الجميع، وضمان أن النزاعات العائلية لا تتحول إلى دائرة مفرغة من الانتقام والعنف المسلح.