مباحثات سعودية تغير خريطة التحالفات اللبنانية

2025.10.02 - 11:09
Facebook Share
طباعة

 تشهد الساحة اللبنانية حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا متسارعًا، وسط معلومات متداولة عن مباحثات تتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة واحتمال تمديد ولاية البرلمان. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الموفد السعودي يزيد بن فرحان لعب دورًا بارزًا في هذه التحركات، حيث التقى عددًا من القيادات والشخصيات السياسية خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، في إطار مشاورات وصفت بأنها تحمل رسائل مباشرة تتعلق بالمرحلة المقبلة.

وتوضح المصادر أن النقاشات التي دارت خلال اللقاءات ركزت على أكثر من محور، أبرزها ضرورة دعم الإصلاحات الاقتصادية والمالية، إلى جانب الحديث عن ملفات أمنية حساسة، بينها مسألة السلاح غير الخاضع لسلطة الدولة. وبحسب ما تسرّب من تلك الاجتماعات، فقد جرى التطرق أيضًا إلى خريطة التحالفات الانتخابية وتوزيع المقاعد بين الكتل، في وقت يشهد فيه لبنان حالة ترقّب بشأن مصير الاستحقاق النيابي.

ووفقًا للمصادر نفسها، أعطت الرياض إشارات واضحة بأنها تضع الملف الانتخابي في مرتبة متقدمة، مع التركيز على تأمين حضور قوي لحلفائها في الطائفة السنية، وضمان كتلة مؤثرة في المجلس النيابي المقبل. كما برز حديث عن رغبة سعودية في أن تكون «القوات اللبنانية» الكتلة المسيحية الأكبر، وأن تتمكّن من تعزيز نفوذها من خلال تحالفات مع المستقلين ومجموعات أخرى، بما يتيح إضعاف خصومها السياسيين.

أما على صعيد التمثيل الشيعي، فقد نُقل عن الموفد السعودي حديث حول السعي لتحقيق خروقات محدودة داخل الكتلة القائمة، رغم إدراكه أن ذلك يتطلب ظروفًا سياسية غير متوفرة بسهولة. وفي هذا الإطار، تعتبر مصادر سياسية أن هذه الطموحات تعكس رغبة إقليمية في إعادة رسم المشهد النيابي بما يضمن تأثيرًا أكبر في القرار اللبناني.

وفي موازاة ذلك، أشارت معطيات إلى أن بعض القوى اللبنانية أثارت مسألة تأجيل الانتخابات أو تمديد ولاية البرلمان، معتبرة أن الظروف الداخلية والضغوط الخارجية تجعل من الصعب إنجاز الإصلاحات المطلوبة وإعادة رسم التحالفات في فترة زمنية قصيرة. وتحدثت المصادر عن اقتراحات متباينة، منها التمديد لسنة واحدة أو لفترة أطول، وصولًا إلى خيار التمديد الكامل لأربع سنوات، وهو طرح قوبل بتحفظات واسعة داخل أوساط سياسية ودستورية.

وأوضحت المصادر أن النقاش حول التمديد لا ينحصر في الأبعاد التقنية، بل يرتبط بموازين القوى داخل المجلس، وبتأثير الاستحقاق النيابي على انتخاب رئيس الجمهورية لاحقًا. كما أن بعض الأطراف ترى أن تأجيل الانتخابات قد يتيح للحكومة المقبلة مساحة زمنية إضافية لتنفيذ برامجها، فيما يعتبر آخرون أن التمديد قد يفتح الباب أمام أزمة سياسية ودستورية جديدة.

وتشير المعطيات المتداولة أيضًا إلى أن القوى الغربية، لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، تتابع باهتمام مسار هذه التطورات، وتنسق في بعض جوانبها مع السعودية. ووفق ما نقله سياسيون لبنانيون شاركوا في لقاءات مع موفدين أجانب، فإن التركيز ينصب على ضرورة تحقيق استقرار نسبي يسمح بإعادة تنشيط الاقتصاد، مع المحافظة على توازن سياسي يحول دون هيمنة طرف واحد على القرار الوطني.

في المقابل، يرى مراقبون أن القوى المحلية ليست موحّدة إزاء الاستحقاق. فبينما تعلن بعض الكتل جهوزيتها لخوض الانتخابات في موعدها، تبدي أخرى تحفظات وتسعى إلى كسب الوقت. كما أن ملف تصويت المغتربين يطرح إشكالية إضافية، إذ تعترض بعض الأطراف على السماح لهم بالتصويت لجميع مقاعد البرلمان الـ128، معتبرة أن هذا الإجراء لا يوفّر تكافؤًا بين مختلف القوى.

ومع تباين المواقف وتعدد السيناريوهات، تبقى مسألة الانتخابات النيابية مفتوحة على احتمالات عدة، بينها الإبقاء على موعدها المقرر، أو الاتجاه نحو تمديد تقني أو سياسي لولاية البرلمان. وبحسب مصادر مطلعة، فإن النقاش لم يحسم بعد، لكن مجريات اللقاءات الإقليمية والدولية تؤكد أن الاستحقاق الانتخابي بات جزءًا من معادلة أوسع تشمل مستقبل الإصلاحات والدور الإقليمي في لبنان.

وبين التمديد وإجراء الانتخابات في موعدها، يظل المشهد اللبناني محكومًا بتوازنات داخلية معقدة وضغوط خارجية متزايدة، ما يجعل الأشهر المقبلة مفصلية في تحديد اتجاه الحياة السياسية في البلاد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1