عاد ملف النزوح السوري في لبنان إلى واجهة الاهتمام مجددًا مع وصول وفد رسمي سوري إلى بيروت اليوم الأربعاء، لكن التركيز كان على ملفات ثانوية مثل قضية الموقوفين السوريين، بينما تُركت معالجة الأزمة الإنسانية الأساسية للنازحين شبه غائبة. يرى مراقبون أن هذا يعكس محاولة ترويج إنجازات سياسية داخلية على حساب معالجة معاناة نحو مليوني نازح يعيش معظمهم تحت خط الفقر، ويعانون نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية من سكن ورعاية صحية وتعليم.
الوضع الإنساني للنازحين:
تفاقم أزمة الخدمات والبنية التحتية اللبنانية بسبب كثافة النازحين يشكل ضغطًا مضاعفًا على السكان اللبنانيين، ويزيد من توترات المجتمعات المحلية. عدم معالجة هذه الأزمة بشكل متكامل يهدد الاستقرار الاجتماعي ويضع الدولة أمام تحديات اقتصادية وإنسانية كبيرة.
المخاطر السياسية والأمنية:
يمثل تماهي السلطات اللبنانية مع المقاربات السورية خطرًا على السيادة اللبنانية، إذ يؤدي إلى تجزئة الملفات على حساب المصلحة الوطنية، وتحويل قضية النزوح إلى أداة سياسية. من جانب آخر، يُنظر إلى البعد الأمني للنزوح على أنه حساس، خاصة مع حركة غير شرعية لعشرات الآلاف من الأشخاص مجهولي الهوية، ما يزيد احتمالات الجرائم والتوترات ويضع الدولة أمام صعوبات في مراقبة الأمن وضبط الاستقرار المحلي.
العودة الطوعية وخطط غير فعالة:
تشير التجارب السابقة إلى محدودية نتائج برامج "العودة الطوعية"، التي اقتصرت على أعداد صغيرة جدًا مقارنة بحجم النازحين، رغم الدعاية الإعلامية المكثفة. الإجراءات السابقة لم تؤثر بشكل ملموس على الواقع الإنساني، بل ساهمت في استمرار الأزمة وضغطها على الخدمات العامة والمجتمع المضيف، دون تقديم حلول عملية أو مستدامة.
ضرورة وضع العودة على رأس الأولويات:
العودة المنظمة للنازحين يجب أن تكون أولوية مطلقة، ضمن خطة وطنية شاملة تشمل دعم المجتمع المضيف وتحسين البنية التحتية التعليمية والصحية، وتوفير برامج اقتصادية واجتماعية تخفف الضغط على الخدمات العامة. فقط من خلال معالجة هذه الأزمة يمكن ضمان حقوق جميع الأطراف وتحقيق استقرار لبنان على المدى الطويل.