بلير والملف الفلسطيني.. هل يمكن لمن فقد ثقة الشعوب أن يقود إعمار غزة؟

2025.10.01 - 06:51
Facebook Share
طباعة

عاد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير إلى واجهة الأحداث الدولية، بعد تداول اسمه كمرشح لرئاسة هيئة دولية معنية بإعادة إعمار قطاع غزة في حال التوصل إلى اتفاق لوقف شامل لإطلاق النار. غير أن عودته إلى المشهد، خصوصاً في ملف شديد الحساسية، أعادت الجدل حول إرثه السياسي وارتباطاته المثيرة للانتقادات.

 

من "اتفاقية الجمعة العظيمة" إلى حرب العراق

برز بلير عام 1998 كأصغر رئيس وزراء لبريطانيا منذ عام 1812، ونجح، برعاية أمريكية، في تحقيق "اتفاقية الجمعة العظيمة" التي أنهت النزاع في إيرلندا الشمالية، وهو إنجاز عزز مكانته على الساحة السياسية. لكن صورته سرعان ما تراجعت بعد أن قاد بلاده عام 2003 إلى حرب العراق دعماً للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، وهي الخطوة التي وُصفت بأنها أضعفت إرثه السياسي وأطلقت موجة احتجاجات داخلية ودولية.

تحقيقات لاحقة، أبرزها تقرير لجنة "تشيلكوت"، أكدت أن بلير بالغ في تبرير الحرب، وأنه استند إلى مزاعم غير مثبتة حول وجود أسلحة دمار شامل لم يُعثر عليها لاحقاً.

 

تجربة الشرق الأوسط.. إخفاقات متكررة

عام 2007، تولى بلير منصب مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، الولايات المتحدة) بهدف دعم الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز مؤسساته. غير أن دوره سرعان ما تقلص، إذ اتهمه الفلسطينيون بالانحياز الواضح لإسرائيل.

كبير المفاوضين السابق نبيل شعث وصف أداءه بـ"الهزيل"، بينما اعتبر مصطفى البرغوثي أن بلير "كذب على العالم بشأن العراق" وأن وجوده في المشهد الفلسطيني "غير مرغوب فيه".

 

الجدل حول خطط غزة بعد الحرب

رغم الانتقادات، تمكن بلير من الحفاظ على حضور مؤثر عبر "معهد طوني بلير للتغيير العالمي"، الذي عمل خلال الأشهر الماضية على دراسة سيناريوهات "اليوم التالي" في غزة، بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

غير أن بعض هذه الدراسات أثارت موجة من الجدل، خصوصاً بعد تقرير لـ"فاينانشال تايمز" كشف أن المعهد بحث مقترحات تتضمن تعويض الفلسطينيين مالياً لمغادرة أراضيهم، وهو ما نفته المؤسسة بشدة.

في أغسطس الماضي، التقى بلير في البيت الأبيض جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، وستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي، لمناقشة خطط إعادة الإعمار. علاقاته الوثيقة مع إدارة ترامب ومع دول مثل الإمارات العربية المتحدة، تمنحه موقعاً محورياً في أي ترتيبات تخص مستقبل القطاع.

 


صورة متناقضة بين إسرائيل وغزة

يحظى بلير باحترام ملحوظ داخل إسرائيل، لكن الفلسطينيين ينظرون إليه كـ"شخصية غير محايدة". القيادي في حركة حماس حسام بدران صرّح مؤخراً بأن بلير "لعب دوراً إجرامياً ومدمراً منذ حرب العراق"، مؤكداً أن وجوده في ملف غزة "غير مقبول".

ورغم ذلك، يواصل بلير التعبير عن قناعته بحل الدولتين، وإن كان يشترط تحقيقه فقط عبر التفاوض المباشر مع إسرائيل. وهو أيضاً من أبرز المرحبين بخطة ترامب للسلام التي وصفها بأنها "جريئة وذكية"، معتبرًا أنها قد تمنح غزة "فرصة مستقبلية أفضل"، شرط ضمان أمن إسرائيل.

 


إرث بلير السياسي المزدوج ـ بين إنجازات كبرى مثل اتفاقية الجمعة العظيمة، وقرارات كارثية مثل حرب العراق ـ يجعل مهمته المحتملة في غزة محفوفة بالتعقيدات. فهو سيواجه أزمة ثقة فلسطينية عميقة، ومعارضة داخلية في بريطانيا، إضافة إلى الشكوك الدولية حول حياده.

لكن مؤيديه يراهنون على خبرته الطويلة، وحنكته في إدارة الملفات المعقدة، وقدرته على الإقناع، باعتبارها أدوات قد تساعده على قيادة مهمة إعادة إعمار غزة، إذا ما أُسندت إليه رسمياً.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8