لجنة المتابعة في المؤتمر العربي العام لم تقتصر في إعلانها على دعم مبادرة بحرية لكسر الحصار عن غزة، وإنما أرسلت إشارات سياسية تتعلق باتجاهات الرأي العام والتحشيد الإقليمي.
وُصف الأسطول بأنه فعل تضامني دولي يمدد شبكة المؤيدين لفلسطين، حيث باتت المواجهة تُدار أيضًا على منابر سياسية وقضائية وإعلامية إلى جانب ساحات التظاهر، هذا الطابع المتعدد الأبعاد يمنح الحملة البحرية بعدًا يتجاوز العمل الإنساني والرمزي.
تطرق الإعلان إلى استشهاد قادة ومقاتلين لبنانيين، وربط تلك الخسائر بمستوى الالتفاف الشعبي حول خيار المقاومة. الغرض هنا ليس التغني بالتكتيك أو تصعيد الخطاب، بل توضيح أن فقدان شخصيات قيادية لم يُقرأ كعامل ضعف، وإنما كسبب دفع إلى مزيد من التضامن الداخلي والإقليمي. هذا التفسير يرسل رسالة مزدوجة: أولًا أن الحراك الشعبي قادر على إنتاج زخمٍ لا يُقاس بأسماء محددة، وثانيًا أن السردية الشعبية بدأت تستعيد جزءًا من حضورها في الساحة الدولية.
البعد الدولي الذي مثله توافد سفن وأنشطة من موانئ عالمية يطرح سؤالًا عمليًا: إلى أي مدى يمكن لهذا الزخم أن يتحول من تعبير تضامني إلى ورقة ضغط دبلوماسية قابلة للاستثمار؟ تجارب سابقة أظهرت أن الفعل الرمزي — مثل قوافل المساعدات والحملات البحرية — ينجح في لفت الأنظار وكسر احتكار الخطاب، لكنه نادرًا ما يترجم مباشرة إلى مواقف حكومية ما لم يترافق مع أدوات ضغط متداخلة (دبلوماسية، قضائية، اقتصادية).
من زاوية أخرى، يظهر أن هناك محاولة لبناء محور شعبي عابر للحدود الوطنية، يضم مكونات من دول متعددة، هذا المحور لا يعوض الحاجة لخيارات سياسية ومفاوضية على مستوى الحكومات، لكنه قد يفرض تكلفة معنوية وسياسية على الأطراف التي تقف في الاتجاه المعاكس.
بعبارة أخرى، الزخم الشعبي الدولي يمكن أن يكون مسرعًا لبعض المواقف أو معرقلًا لها، تبعًا لقدرة الفاعلين السياسيين على استثماره.
ما صدر عن المؤتمر يقدّم نموذجًا حديثًا من الفعل الجمعي: مزيج بين التضامن الشعبي والفاعلية الإعلامية، مع اختبار ميداني يلوح في الأفق. والسؤال المعلّق هو ما إذا كان هذا الزخم سينتقل من لحظة تضامن إلى تأثير مستدام في السياسات الدولية والإقليمية، أم يظل سمة احتجاجية عابرة في سياق الحراك العالمي حول القضية الفلسطينية