في الآونة الأخيرة، شهدت مدينة اللاذقية تصاعداً ملحوظاً في حوادث السرقة التي لم تعد تقتصر على المنازل أو الأفراد، بل امتدت لتشمل الممتلكات العامة. ويعكس هذا التوسع تحوّلاً خطيراً في طبيعة الجرائم، مما أثار قلق السكان والمسؤولين المحليين على حد سواء.
تتراوح هذه الحوادث بين اقتحام المنازل، سرقة السيارات والمحلات التجارية، وصولاً إلى الاستهداف المتكرر للبنى التحتية والمرافق العامة مثل كابلات الكهرباء والهاتف وأغطية مصارف المياه. وغالباً ما تحدث هذه الجرائم خلال فترات انقطاع الكهرباء، ما يسهل على الجناة تنفيذ عملياتهم دون مواجهة مباشرة.
تؤكد التقارير المحلية أن بعض حوادث السرقة تتسم بالعنف، حيث لم تعد السرقة مجرد سرقة ممتلكات مادية، بل تتضمن تهديداً مباشرًا للأشخاص، وقد تصل أحياناً إلى العنف الجسدي. وتظهر هذه التوجهات خطورة الوضع على السلامة العامة، إذ يشعر السكان أنهم معرضون لخطر دائم داخل منازلهم وفي الشوارع.
يعود انتشار هذه الظاهرة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. من أبرزها ارتفاع معدلات البطالة والفقر، والفوضى الأمنية، وتسهيل الحصول على الأسلحة. كما تلعب البنية التحتية المتدهورة وانقطاع التيار الكهربائي دوراً في زيادة سهولة تنفيذ هذه الجرائم، خصوصاً في المناطق السكنية التي يقطنها أصحاب دخل مرتفع نسبياً.
تواجه المدينة تحديات إضافية في حماية الممتلكات العامة، إذ تشير الملاحظات إلى تعرض الحدائق والشوارع والمرافق للسرقة بشكل مستمر، ما يعرقل جهود تحسين الخدمات وصيانة المدينة. ويعتبر ضعف الوعي المجتمعي بأهمية حماية الممتلكات العامة، إلى جانب انعدام المحاسبة الرادعة للجناة، عاملاً أساسياً في تفاقم المشكلة.
في ظل غياب حلول حكومية واضحة، لجأ بعض السكان وأصحاب الأعمال إلى اتخاذ إجراءات فردية لتعزيز الحماية، مثل تركيب أبواب حديدية وكاميرات مراقبة تعتمد على الطاقة الشمسية، وهي حلول مكلفة لا يمكن لغالبية السكان تحملها. ويظل معظم الأهالي بلا حماية فعالة، ينتظرون تدخل الجهات الرسمية لفرض الأمن والاستقرار.
ويرى خبراء محليون أن الحلول الممكنة تشمل زيادة عدد نقاط الشرطة ومراكز الأمن، وتسيير دوريات ليلية منتظمة، بالإضافة إلى تركيب كاميرات مراقبة متواصلة وضمان استمرار التيار الكهربائي لتقليل فرص استغلال الظلام. كما يشدد البعض على ضرورة تنظيم حمل الأسلحة وحصرها بالقوى الأمنية، لتقليص المخاطر المرتبطة بالأسلحة في الشوارع.
في المقابل، تشير الملاحظات إلى أن الإجراءات الحكومية حتى الآن لم تكن كافية للحد من هذه الجرائم، ما يزيد من شعور السكان بالإحباط وانعدام الأمان. وتبقى التحديات أمام السلطات المحلية كبيرة، حيث تتطلب إدارة هذه الظاهرة تنسيقاً بين الأمن والجهات المسؤولة عن الخدمات العامة، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي وتشديد العقوبات الرادعة.
وتعكس موجة السرقات في اللاذقية واقعاً اجتماعياً واقتصادياً مضطرباً، إذ تفرض على السكان اتخاذ احتياطات خاصة للحفاظ على ممتلكاتهم، بينما يبقى حل الأزمة مرتبطاً بتحرك فعلي من قبل الجهات الرسمية لضمان سلامة الأفراد والممتلكات العامة على حد سواء.