في مشهد لم يخلُ من الكوميديا السوداء، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليؤكد للعالم أن إنجازاته العسكرية والدبلوماسية فاقت كل الحدود الممكنة، إذ يزعم ترامب أنه أنهى سبع حروب منذ عودته للرئاسة، وأن خطة إنهاء حرب غزة ستضعه على طريق الانتصار الثامن، وهو رقم يفوق تصورات أي مراقب سياسي، حتى لو حاول نتنياهو نفسه مجاراته!
وفي الوقت الذي يرفع فيه ترامب شعارات السلام من منصة الأمم المتحدة، يظل رئيس الوزراء الإسرائيلي العاجز، كما يصور البعض، محتارًا بين تنفيذ الأوامر الأمريكية والحفاظ على صورته في الداخل، في مشهد يشبه من يقف على خشبة المسرح وهو لا يعرف نص المسرحية.
ترامب والنوبل: "إهانة أمريكية"
اعتبر ترامب أن تجاهل الولايات المتحدة في جائزة نوبل للسلام يمثل "إهانة كبرى" للبلاد، مشددًا على أنه لا يسعى لنيل الجائزة شخصيًا، بل يسعى "لإنقاذ الأرواح". ومع ذلك، لم يفوت ترامب الفرصة لتوجيه رسائل ضمنية لنتنياهو، الذي يبدو وكأنه مجرد عارض أزياء في هذا العرض العالمي، حسب وصف بعض الصحفيين.
تظل مقارنة ترامب بأوباما حاضرة في حديثه، مشيرًا إلى أن منح أوباما الجائزة في 2009 بعد أشهر قليلة من توليه الرئاسة كان خطأً فادحًا. ويبدو أن ترامب يرى نفسه الشخص الوحيد القادر على "حل النزاعات"، بينما يقف نتنياهو عاجزًا عن صياغة استراتيجية واضحة أو حتى الحفاظ على تماسك حكومته.
خطة غزة: بين السلام والتهكم على نتنياهو
تتمثل الخطة الأمريكية في إنهاء الحرب في قطاع غزة عبر آليات ضغط سياسية ودبلوماسية، بينما يظل نتنياهو مشغولًا بمحاولات تقليدية لإثبات نفسه كقائد حربي، في حين أن الواقع الميداني يعكس صورة الحكومة الإسرائيلية المضطربة.
ترامب وعد أن "إسرائيل ستفعل ما يجب عليها فعله" إذا رفضت حماس الاتفاق، في إشارة واضحة إلى أن نتنياهو ليس أكثر من لاعب ثانوي في هذا المشهد، وكأنه شخصية كوميدية في مسرحية سياسية ضخمة، حيث تتقاطع مصلحة واشنطن مع مصالح المنطقة دون الاعتماد على أي براعة إسرائيلية.
المواقف الدولية.. ماكرون والنرويج يضعان الشروط
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نجاح خطة ترامب هو الشرط الأساسي للحصول على جائزة نوبل للسلام، مؤكدًا أن مسرحية ترامب الدولية لا تكتمل إلا إذا تحقق السلام فعليًا.
وفي ذات الوقت، أكدت اللجنة النرويجية أن الحملات الإعلامية الأمريكية لن تؤثر على قرارها، في رسالة ضمنية بأن محاولات ترامب "تزيين الإنجازات" قد لا تغير الحقيقة، بينما نتنياهو يبدو وكأنه مجرد كومبارس في هذا العرض الدولي.
بينما يتفاخر ترامب بإغلاق الحروب وكأنه يربح في لعبة فيديو، يظل نتنياهو مشغولًا بمحاولة إخفاء فشل حكومته الداخلية والخارجية، وكأنه بطل هزلي في قصة لا تنتهي عن الانقسامات الإسرائيلية والعجز السياسي.
الدرس الوحيد لهذه المسرحية العالمية هو أن السياسة الدولية لا ترحم، وأن محاولة بعض القادة إظهار أنفسهم كبطل تاريخي، مثل نتنياهو، قد تتحول إلى مادة ساخرة إذا لم تتماشى الإنجازات مع الواقع.