تسمم جماعي في درعا يسلط الضوء على البنية التحتية

رزان الحاج

2025.10.01 - 11:07
Facebook Share
طباعة

 شهدت مدينة نوى في محافظة درعا تصاعدًا مقلقًا في حالات التسمم بالمياه، بعد وصول مياه الشرب إلى الحي الشرقي للمدينة، بعد انقطاع استمر لأكثر من أربعة أشهر. وبحسب التقارير الصحية المحلية، فقد سجلت المدينة نحو 150 حالة تسمم، تراوحت بين الخفيفة ومتوسطة الشدة، حيث ظهرت على المصابين أعراض الغثيان والإسهال والمغص الشديد. وتم التعامل مع جميع الحالات الطبية في مستشفى نوى، حيث خرج معظم المرضى بعد استقرار وضعهم الصحي.


يشير الوضع في الحي الشرقي إلى وجود احتمال تلوث في القساطل أو الخزانات، خصوصًا بعد طول فترة الانقطاع، الأمر الذي يزيد المخاطر على صحة السكان. وللتعامل مع الأزمة، قامت فرق مختصة بأخذ عينات من مياه الشرب المتدفقة إلى الحي، حيث لم تظهر الفحوصات الأولية أي علامات تلوث أو اختلاط مع مياه الصرف الصحي. كما تم تعقيم مصادر المياه بمادة الكلور كإجراء وقائي لتأمين سلامة الشرب.


تأتي هذه الأزمة في سياق التحسينات الجزئية التي شهدتها شبكات مياه الشرب في المدينة مؤخرًا، بعد تزويد نوى بمضختين جديدتين من مشروع مياه محلي، ما ساهم في تحسين تغذية المياه بعد انقطاع طويل كان السكان يعتمدون فيه على صهاريج المياه الجوالة. إلا أن هذه التحسينات لم تمنع وقوع حالات التسمم، ما يعكس هشاشة البنية التحتية وعدم كفاية شبكات المياه والصرف الصحي في التعامل مع الأزمات.


وتعاني محافظة درعا من تحديات كبيرة في مجال البنية التحتية والخدمات الأساسية، حيث تحتاج شبكات الصرف الصحي إلى إعادة تأهيل واسعة وتوسيع القدرة التشغيلية لمواكبة احتياجات السكان. وقد تعرضت بعض محطات معالجة المياه لأضرار كبيرة، بما فيها محطة معالجة مدينة درعا ومحطة داعل المركزية، ما أثر سلبًا على قدرة النظام الصحي على معالجة مياه الصرف بشكل فعال.


وفي الوقت نفسه، تعمل بعض المحطات بقدرة محدودة في مناطق معينة مثل تل شهاب وجلين والعجمي وخبب، إلا أن الطاقة التشغيلية لا تغطي كامل الاحتياجات، ما يؤدي إلى تصريف كميات كبيرة من مياه الصرف في الأودية والمسيلات والسدود، مسببة تلوثًا بيئيًا خطيرًا يزيد من المخاطر الصحية على السكان.


تتفاقم المشكلة بسبب انتشار ظاهرة ري المزروعات بمياه الصرف الصحي، حيث يستخدم بعض السكان المياه المعالجة جزئيًا لري الأراضي الزراعية، ما يرفع احتمالية انتشار الأمراض، ويؤدي إلى تلوث التربة وزيادة أعداد الحشرات والقوارض الضارة. هذه الممارسات تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان وجودة المحاصيل الزراعية، وتزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى تحسين الواقع البيئي والصحي في المحافظة.


وتسلط هذه الأزمة الضوء على الحاجة الماسة لتوسيع صلاحيات شركة الصرف الصحي ودعمها بالاعتمادات اللازمة لتنفيذ خطط إعادة التأهيل. ويعتبر تحسين شبكات الصرف والمعالجة جزءًا لا يتجزأ من ضمان سلامة المياه وحماية السكان من الأمراض المرتبطة بالتلوث المائي. كما يتطلب الوضع تكثيف التوعية المجتمعية حول مخاطر استخدام مياه الصرف للري، وتعزيز الرقابة على مصادر المياه لضمان جودة الشرب.


الخبراء يؤكدون أن تحسين البنية التحتية لمياه الشرب والصرف الصحي لا يقتصر على معالجة أزمة التسمم الحالية، بل هو استثمار طويل الأمد في الصحة العامة والبيئة، ويشكل حماية للسكان من المخاطر المستمرة. ويشيرون إلى أن أي تأخير في تنفيذ مشاريع الصيانة والتأهيل سيزيد من احتمالية تكرار مثل هذه الحوادث، لا سيما في أحياء تعتمد على خطوط قديمة ومهترئة، أو مناطق تتعرض لانقطاع متكرر للمياه.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9