توفي فتى سوري يبلغ من العمر 14 عامًا، يوم أمس الثلاثاء، في أحد السجون اللبنانية وسط ظروف غامضة تثير التساؤلات حول سلامة المعتقلين القاصرين في السجون المحلية. ويأتي هذا الحادث بعد سنوات من النزاع السوري، وما تلاها من موجات نزوح كبيرة إلى لبنان، حيث تواجه السلطات تحديات في إدارة ملفات المعتقلين السوريين، بمن فيهم القاصرون.
وفقًا للتقارير، فإن الفتى المتوفى لم يكن يعاني من أي أمراض مزمنة، فيما قدّمت السلطات روايات متضاربة حول سبب الوفاة، إذ أشارت بعض المصادر إلى “سكتة قلبية”، بينما تطرقت أخرى إلى احتمال انتحاره. هذه التناقضات أسهمت في إثارة مخاوف بشأن ظروف الاحتجاز داخل السجون اللبنانية، خصوصًا فيما يتعلق بالمراهقين واللاجئين.
تم نقل جثمان الفتى إلى المستشفى، حيث بقيت أسرته تنتظر إمكانية إعادة الجثمان إلى سوريا لدفنه في وطنه، وهو ما يعكس المعاناة الطويلة التي يعيشها ذوو المعتقلين السوريين في لبنان، سواء من حيث الإجراءات الرسمية أو القيود القانونية على التعامل مع ملفات الوفاة داخل السجون.
تثير هذه الحادثة مجددًا الانتباه إلى قضية المعتقلين السوريين في لبنان، والتي تُعتبر واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإشكالية. فقد شهدت السنوات الماضية حالات متعددة من الاعتقال على خلفية المشاركة في الاحتجاجات أو رفع شعارات مناصرة للثورة السورية، بالإضافة إلى الاحتجاز لأسباب مرتبطة بالهجرة واللجوء. ويعاني المعتقلون السوريون، بحسب تقارير حقوقية سابقة، من ظروف احتجاز تتراوح بين الاكتظاظ ونقص الخدمات الأساسية، إلى قلة متابعة حالتهم الصحية.
كما تعكس وفاة هذا الفتى الصغير هشاشة الإجراءات الوقائية داخل السجون، خصوصًا فيما يتعلق بالمراهقين والقصّر، الذين يحتاجون إلى حماية خاصة وضمانات إضافية لمنع وقوع حوادث مماثلة. وتشير الحوادث السابقة إلى أن الإهمال أو التأخير في متابعة ملفات القاصرين يمكن أن يؤدي إلى نتائج مأساوية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول جدية الإدارة الأمنية والجهود الحكومية لضمان سلامتهم.
الحدث الحالي يفتح أيضًا نقاشًا واسعًا حول كيفية تعامل السلطات اللبنانية مع معتقلي اللجوء السوري، لا سيما القاصرين، وكيفية توفير بيئة آمنة لهم، سواء داخل السجون أو خلال إجراءات التحقيق والمحاكمات. ويبدو أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الإشراف الطبي والنفسي، ومراجعة البروتوكولات المتعلقة بسلامة المعتقلين، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
كما يسلط الحادث الضوء على الجانب الإنساني للقضية، حيث يعاني ذوو المعتقلين من ضغوط نفسية كبيرة جراء طول مدة الاحتجاز وصعوبة التواصل مع أبنائهم، إضافة إلى الإجراءات المعقدة لنقل الجثامين أو متابعة حالات الوفاة. ويطالب الكثيرون بضرورة تسهيل هذه الإجراءات، بما يضمن لهم حقهم في وداع ذويهم بطريقة كريمة، بعيدًا عن البيروقراطية الطويلة والمعقدة.
تأتي هذه المأساة في وقت يتزايد فيه الاهتمام الدولي بحقوق القاصرين والمعتقلين في مناطق النزاع، وهو ما يفرض على الجهات المعنية إعادة تقييم سياساتها وإجراءاتها لضمان حماية الفئات الأكثر ضعفًا. وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال الأكبر عن مدى استعداد السلطات اللبنانية للتعامل مع ملفات المعتقلين السوريين بطريقة أكثر شفافية وعدالة، دون الإضرار بحقوق الإنسان الأساسية.