قدمت مصر رسائل طمأنة حول وجودها العسكري في سيناء، مؤكدة التزامها بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية الموقعة عام 1979، مع الإشادة بدور القوة متعددة الجنسيات في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة. تأتي هذه التحركات في وقت تصاعدت فيه اتهامات متبادلة بين القاهرة وتل أبيب بشأن خروقات محتملة للمعاهدة، وسط توترات مرتبطة بالحرب في غزة.
لقاء وزير الخارجية بالقوة متعددة الجنسيات:
استقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مدير عام القوة متعددة الجنسيات في سيناء إليزابيث ديبل، مشيداً بدورها الممتد لأكثر من أربعة عقود في مراقبة تنفيذ البروتوكول الأمني الملحق بمعاهدة السلام. وأكد عبد العاطي أهمية التنسيق المستمر بين السلطات المصرية والقوة الدولية، مع الدعوة لمواصلة الدعم الدولي لهذه البعثة، وفق تصريحات المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف.
القوة متعددة الجنسيات تضم نحو 1200 جندي ومدني من 13 دولة، بينها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا، ومقرها الرئيسي في شرم الشيخ، مع مراكز في الإسماعيلية وإيلات وروما. وتراقب تنفيذ الاتفاقيات الأمنية وتقدم تقاريرها إلى مصر وإسرائيل، ضمن تمويل دولي متفق عليه.
مصر ترفض اتهامات إسرائيلية وتؤكد التزامها:
أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق حسين هريدي أن مصر مستمرة في عقد اجتماعات مع القوة متعددة الجنسيات لتنسيق المواقف وتبادل الرؤى حول الوضع في سيناء. وأوضح أن مصر ملتزمة بحماية حدودها وأراضيها، وأن الاتهامات الإسرائيلية السابقة بشأن خرق المعاهدة "سياسية وليست مبنية على وقائع حقيقية".
وفي سياق متصل، قال عضو البرلمان المصري مصطفى بكري إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتجاهل اتفاقية السلام من خلال انتهاكات على الحدود، مشيراً إلى ضرورة التزام إسرائيل ببنود البروتوكول الأمني لعام 2005.
الطائرات المسيرة تهدد إسرائيل:
في المقابل، سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على تهديد أمني غير مسبوق من الطائرات المسيرة التي تمر عبر سيناء وتدخل الأراضي الإسرائيلية محملة بأسلحة ومعدات مختلفة.
وأوضح تقرير، صحفية"معاريف" أن هذه الطائرات تحلق يومياً فوق القرى الحدودية وتوزع حمولاتها بسرعة على مناطق مختلفة، ما يشكل تهديداً استراتيجياً حسب مسؤولين أمنيين ومزارعين في النقب.
وأكد خبراء أن الجيش الإسرائيلي يفتقد الرقابة الكاملة على المجال الجوي، بينما يتحكم المهربون البدو في عمليات تهريب الأسلحة، ما يزيد المخاوف من تصاعد العنف والجريمة في المنطقة. وأشار أحد المزارعين إلى أن كميات الأسلحة والذخيرة اليوم تفوق كل ما كان يتم تهريبه سابقاً، وأن الحدود أصبحت بلا رقابة فعلية.
التوتر الإسرائيلي المصري وتأثيره على السلام:
تطمينات مصر الأخيرة تهدف إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية، خصوصاً لدى من يسعون للحفاظ على معاهدة السلام. وتؤكد القاهرة التزامها بالسلام، مع إبراز حقها في الدفاع عن حدودها وأمنها القومي.
وأوضح خبراء أن هناك تيارات متطرفة داخل إسرائيل تسعى لتصعيد قضية الوجود المصري في سيناء لأغراض سياسية داخلية، لكن التحركات المصرية تهدف لإظهار التزامها الكامل بالاتفاقيات الدولية وتنسيقها مع الجهات الرقابية.
التحديات المستقبلية:
يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة الطرفين في الحفاظ على الاستقرار، في ظل التهديدات اليومية، خصوصاً من الطائرات المسيرة التي تنقل الأسلحة إلى إسرائيل عبر سيناء. وترى القاهرة أن التزامها بمعاهدة السلام، إلى جانب التنسيق المستمر مع القوة متعددة الجنسيات، يشكل ضمانة للحفاظ على التوازن، بينما تحذر المصادر الإسرائيلية من تفاقم الوضع الأمني إذا استمرت عمليات التهريب بهذه الكثافة.