تتجدّد معركة الخطاب حول الجولان السوري المحتل كلما حاولت إسرائيل، ومعها بعض القوى الدولية، تكريس واقع الضمّ. التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أعاد فيها التذكير باعترافه السابق بالسيادة الإسرائيلية على الهضبة، فتحت من جديد ملفاً قانونياً وسياسياً لم يُغلق منذ أكثر من أربعة عقود.
الشرعية الدولية في مواجهة سياسة الأمر الواقع
سيطرت إسرائيل على الجولان عام 1967، ثم أعلنت ضمّه سنة 1981، إلا أن مجلس الأمن الدولي أصدر في العام نفسه القرار رقم 497 الذي اعتبر الخطوة الإسرائيلية باطلة وعديمة الأثر القانوني. القرار ثبّت مبدأ أساسياً مفاده أنّه لا شرعية لأي تغيير في وضع الأرض المحتلة بالقوة. ورغم مرور السنين، بقي النص صامداً كمرجع قانوني يلاحق محاولات فرض الأمر الواقع.
موقف دمشق ورسالة الخارجية السورية
ردّ دمشق لم يقتصر على التصريحات الإعلامية، إذ أعادت وزارة الخارجية السورية نشر نص القرار 497 لعام 1981، في إشارة مباشرة إلى تمسّكها بالشرعية الدولية. وأوضحت أن البيان يستند إلى رسالة الممثل الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة المؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981 (الوثيقة S/14791).
وجاء في القرار أن فرض إسرائيل لقوانينها وسلطاتها وإدارتها في الجولان المحتل "ملغٍ وباطل ومن دون أي أثر قانوني دولي"، كما طالبها بإلغاء قرارها فوراً، مؤكداً استمرار سريان اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على الأراضي السورية المحتلة منذ حزيران/يونيو 1967. كذلك ألزم القرار الأمين العام بتقديم تقرير خلال أسبوعين، مع التلويح بعقد جلسة استثنائية للنظر في إجراءات إضافية حال لم تلتزم إسرائيل.
خطاب ترامب وتداعياته
تأكيد ترامب لم يغيّر الوضع القانوني للهضبة، لكنه أعاد إحياء سياسة الانحياز الأميركي لإسرائيل، إذ وفّر غطاءً سياسياً لتوسيع الاستيطان وتعزيز السيطرة العسكرية، من دون أن يمنح أي شرعية دولية للضم.
معركة طويلة الأمد
إعادة نشر القرار 497 من جانب الخارجية السورية لم يكن مجرد فعل رمزي، بل تأكيد بأن الجولان أرض سورية محتلة بحكم القانون الدولي، وأن كل محاولات الالتفاف على هذه الحقيقة لن تمنح الاحتلال شرعية. وبينما تراهن إسرائيل على عامل الوقت والضغوط، يبقى الموقف القانوني والسياسي واضحاً: الجولان غير قابل للتنازل، وكل إجراءات الضمّ ستظل باطلة مهما طال الزمن.