ضبابية تلاحق ملف الصناعة في الكورة

2025.09.30 - 03:53
Facebook Share
طباعة

أثار انعقاد ورشة عمل حول واقع الصناعة في الكورة وسبل تطويرها، استغراب الجمعيات البيئية التي لم تُدع إلى المشاركة رغم كونها الممثل الفعلي للمجتمع المدني هذا الغياب لم يكن تفصيلاً إجرائياً بل مؤشراً على أزمة أعمق تتعلق بانعدام الثقة بين السكان والجهات الرسمية، ولاسيما في ظل سجل طويل من المعاناة مع الصناعات الملوِّثة كمعامل الإسمنت، وما خلّفته من أضرار صحية وبيئية جسيمة.

إشراك المجتمع المدني ضرورة تنموية لا رفاهية سياسية:

رفض المجتمعات المحلية للصناعة في لبنان يرتبط بمخاوف بيئية وصحية مزمنة، جعلت إشراك الجمعيات المتخصصة في أي خطة صناعية شرطاً أساسياً لنجاحها. غياب هذه المشاركة يعزز الاعتقاد بأن التنمية تتحول إلى قرار فوقي، ما يفتح الباب لمواجهات شعبية وقانونية، بدل أن يكون المشروع الصناعي عنصر ثقة وتنمية متوازنة.

نقاط غموض مقلقة في التوصيات:

التوصيات التي صدرت عن الورشة وُصفت بالمبهمة غياب تحديد فئات صناعية مناسبة للكورة يثير الريبة، خصوصاً مع خشية أن تُستغل بعض البنود لتأمين مواد أولية لمصانع الإسمنت أو لإدخال محارق نفايات، هذه الضبابية تجعل التوصيات غير شاملة ولا واضحة، وتفقدها المصداقية لدى المجتمعات المحلية التي دفعت ثمن التلوث لعقود.

بُعد اقتصادي أم ظرف انتخابي؟

رغبة الجهات الداعية في إنعاش الاقتصاد المحلي عبر الصناعة أمر مفهوم، لكن الخطورة تكمن في تحويل الحاجة الاقتصادية إلى مبرر لتجاهل المعايير البيئية والصحية، في حالات كثيرة، تُستخدم وعود الوظائف كغطاء لمشاريع عالية الكلفة على المدى الطويل، سواء من حيث الأمراض الناتجة أو التدهور البيئي.
كما أن ربط النقاش بالسياق السياسي والانتخابي يعزز الانطباع بأن الملف يُدار لمصالح آنية لا لرؤية مستدامة.

الإطار القانوني والمسارات المتاحة للمجتمع المدني:

القوانين اللبنانية والدولية تمنح المجتمع المدني حق المشاركة في تقييم الأثر البيئي وفي نقاشات التنمية، استبعاد الجمعيات يفتح الباب لمراجعات قضائية وإدارية، كما يتيح إمكان الضغط عبر الإعلام وحملات المناصرة.
هذه الأدوات قد تشكّل رادعاً لأي محاولة لتجاوز المعايير أو تمرير مشاريع ملوِّثة تحت غطاء "التنمية".

سيناريوهات مستقبلية ومخاطر ملموسة:

السيناريو الأول: تمرير مشاريع إسمنت أو محارق تؤدي إلى أزمات صحية طويلة الأمد ونزاعات شعبية جديدة.

أما الثاني مشاريع صناعية بمعايير شكلية تُنفذ دون ثقة مجتمعية كافية، ما يضعف فرص نجاحها.

السيناريو الثالث هو إعادة فتح حوار شفاف مع إشراك فعلي للمجتمع المدني، واعتماد معايير واضحة وصارمة تحمي السكان وتبني صناعة مستدامة.


صناعة مستدامة تحتاج شراكة حقيقية:

الجمعيات البيئية أكدت أنها ليست خصماً للصناعة، بل شريكاً في بناء نموذج صناعي نظيف يخدم الناس والتنمية. تجاهلها لا يضعف مصداقية التوصيات فقط، وانما يهدد بتحويل أي مشروع صناعي إلى مصدر أزمة جديدة الخيار أمام الجهات المعنية واضح: إما شراكة شفافة ومبنية على الثقة، أو مواجهة مع مجتمع لن يقبل أن تتكرر مآسي الماضي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1