أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة شاملة لإنهاء حرب غزة، تفاعلات واسعة على الساحة الدولية، حيث سارعت قوى كبرى ودول أوروبية وآسيوية إلى الترحيب بالمبادرة، داعية إلى اغتنامها كفرصة لإنهاء النزاع الممتد وإرساء مسار سياسي جديد في المنطقة. وبينما ركزت المواقف على البعد الإنساني العاجل، من خلال الدعوة إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وتقديم المساعدات، برزت أيضًا إشارات إلى أفق سياسي أوسع يقوم على التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الاتحاد الأوروبي:
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دعم بروكسل للمبادرة الأمريكية، مؤكدة أن الاتحاد مستعد للمساهمة في إنجاحها. شددت على ضرورة وقف الحرب فورًا، مع تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لسكان غزة والإفراج عن جميع الرهائن.
ألمانيا:
وزير الخارجية يوهانس فاديفول وصف الخطة بأنها "فرصة فريدة" لا يجوز تفويتها، مطالبًا حماس بقبولها. وأكد استعداد برلين لتقديم دعم ملموس، مشيرًا إلى أن الهدف المشترك مع واشنطن والشركاء الأوروبيين والعرب يتمثل في "أمن إسرائيل الدائم وفتح أفق سياسي للفلسطينيين". وأعلن أنه سيزور المنطقة نهاية الأسبوع المقبل لبحث خطوات التنفيذ.
فنلندا:
الرئيس ألكسندر ستوب أعرب عن دعمه الكامل للخطة، داعيًا الأطراف كافة إلى الالتزام بتنفيذها. واعتبر أن نجاحها يفتح الطريق لمستقبل أكثر أمانًا للفلسطينيين والإسرائيليين وسكان المنطقة عامة.
إيطاليا:
روما شددت في بيان حكومي على أن الخطة تمثل "مشروعًا طموحًا" لإعادة إعمار غزة وتحقيق استقرارها عبر تعاون إقليمي ودولي واسع. وأكدت استعدادها للمساهمة عبر العمل مع الولايات المتحدة وشركاء المنطقة.
الصين:
بكين أبدت موقفًا متوازنًا، إذ رحبت بالخطة وبأي جهد لتخفيف التوتر في الشرق الأوسط، لكنها أعادت التأكيد على ضرورة الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، وتنفيذ مبدأ "أن يدير الفلسطينيون فلسطين". كما شددت على حل الأزمة الإنسانية بشكل عاجل ووقف إطلاق النار الشامل.
تفاصيل الخطة الأمريكية
تشمل خطة ترامب عشرين بندًا رئيسيًا، أبرزها:
وقف إطلاق النار الفوري.
الإفراج عن الرهائن خلال 72 ساعة.
منع حماس والجماعات المسلحة من المشاركة في إدارة غزة.
تشكيل سلطة تكنوقراطية تدير القطاع تحت إشراف هيئة دولية، برئاسة ترامب شخصيًا.
الترحيب الدولي السريع يعكس رغبة واضحة في إنهاء النزاع، خصوصًا مع تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة. غير أن العقبات لا تزال كبيرة، إذ يشكل استبعاد حماس من المعادلة تحديًا رئيسيًا، إضافة إلى إصرار بعض القوى الإقليمية على ضمانات سياسية للفلسطينيين لا تبدو واضحة في الخطة الأمريكية.
يأتي الإعلان عن المبادرة في ظل انسداد المسار الدبلوماسي التقليدي وفشل جولات الوساطة السابقة، ما يجعلها محاولة أمريكية لإعادة الإمساك بملف الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي بشكل مباشر. لكن نجاحها مرهون بقدرة واشنطن على جمع دعم عربي وإقليمي مؤثر، وضمان عدم تحول غزة إلى ساحة صراع جديدة بين القوى الدولية والإقليمية. ومن هنا، تبدو الخطة في نظر كثيرين أقرب إلى اختبار لإرادة الأطراف، أكثر من كونها تسوية نهائية قابلة للتنفيذ.